| تاريخ المساهمة 07.07.11 15:29 | |
بحث قانونى فى التفتيش يتكون هذا البحث الموجز من أربعه فصول . الفصل الأول تعريف التفتيش وحرمة المساكن فى الشريعة والقانون وخصائص التفتيش وفى الفصل الثاني السلطة المختصة بإجراء التفتيش وإصدار أمر التفتيش وتنفيذه وفى الفصل الثالث الشروط التي يجب توافرها في أمر التفتيش ومسؤولية رجل الشرطه عند إجراء التفتيش . وفى الفصل الرابع والأخير تناولنا تفتيش المساكن والأشخاص وحكم تفتيش مكتب المحامى والهيئات الدولية والسيارات الخاصة وخاتمة البحث . ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين ( . الفصل الأول تعريف التفتيش لغة وقانونا : كلمة (( التفتيش )) أصلها (( فتش )) اى فتش الشئ وفتشه تفتيشا كما ورد فى مختار الصحاح . أما فى القانون فلم يرد فى قانون الاجراءات الجنائية السودانى لعام 1983 تعريف لكلمة تفتيش لكن المادة (76) اوضحت الحالات التاليه التى يجوز فيها التفتيش والقبض ومن له حق القيام بذلك . أما فى قانون الاجراءات الجنائية المصري تحدثت عن تفتيش المنازل والاشخاص والرسائل وذهب جانب كبير من الفقه المصري الى ان هذه الماده تنطبق على التفتيش وانواعه بصفة عامة . فقد عرف التفتيش بانه (( اجراء من اجراءات التحقيق تقوم به سلطة حددها القانون يستهدف البحث عن الادلة المادية لجناية او جنحة تحقق وقوعها فى محل خاص يتمتع بالحرمة بغض النظر عن ارادة صاحبة وحسب هذا التعريف فان التفتيش لا يقع الا اذا تحقق وقوع الجريمة وهذا فى راينا المتواضع منتقد لان التفتيش قد يكون لمجرد الاشتباه كما جاء فى المادة (76) اجراءات سودانى . كما عرفت محكمة النقض المصريه التفتيش فى احد احكامها (( التفتيش كما هو معروف فى القانون هو ذلك الاجراء الذى رخص به الشارع فيه التعرض لحرمة الشخص بسبب جريمة وقعت او ترجح وقوعها منه ذلك تغليبا للمصلحة العامة على مصالح الافراد الخاصة واحتمال الوصول الى دليل مادى يكشف الحقيقه )) (1) ومن هذين التعريفين يتضح لنا ان التفتيش هو اراء قانوني يكون الغرض منه هو كشف الادلة لجريمة وقعت او يترجح وقوعها وذلك اذا توافرت لدينا الدلائل الكافية لذلك . أنواع التفتيش : ينقسم التفتيش الى عدة أنواع وذلك حسب المراد تفتيشه وذلك كالآتي : 1/ تفتيش الأماكن : وذلك يكون بالبحث عن الأدلة الماديه للجريمة أو جريمة ما أو للبحث عن شخص ارتكب جريمة . 2/ تفتيش الأشخاص : وذلك يكون بالبحث عن الشخص الذي ارتكب الجريمة أو توافرت الدلائل الكافية على انه ارتكبها . وقد تكون بالبحث عن الشخص ذاته أو تفتيش جسمه وبقية أعضاءه ،ملابسه وخلافه . وينقسم التفتيش حسب الغرض منه الى : 1/ تفتيش وقائى والغرض منه هو تجريد المراد تفتيشه مما يحمله من سلاح أو اى شئ يشكل خطر على من يقوم بتفتيشه . وقد جاء فى المادة (31) إجراءات سوداني ( يجوز لمن يقوم بالقبض على أن يأخذ من الشخص المقبوض عليه اية أسلحة عدوانية توجد فى حيازته ويجب عليه إحضار جميع تلك الأ سلحه الى المحكمة أو الضابط المطلوب إحضار الشخص المقبوض عليه أمامه بموجب آمر القبض أو بموجب هذا القانون . فالتفتيش الوقائي يكون عند إحضار المتهم الذي صدر أمر بإحضاره وقد يكون التفتيش الوقائي عند الاشتباه فى اى شخص . 2/ التفتيش الإداري .هو التفتيش الذي يرمى الى تحقيق أغراض أداريه محضه (1) . مثل تفتيش المسجونين بواسطة عسكري السجون وتفتيش موظف الجمارك للمسافرين . حرمة المساكن فى الشريعة الاسلامية : تتمتع المساكن بحرمة فى الشريعه الاسلاميه فقد وردت آيات وأحاديث تحمي المساكن من أي تغول على حرمتها .ولا يجوز دخول المنزل الا بإذن صاحبه ولا يجوز التصنت والتجسس فقد نهى الرسول (ص ) عن ذلك وقال تعالى ( ولا تجسسوا (....... ) . فقد قال تعالى )) يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون * فان لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وان قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أذكى لكم والله بما تعملون عليم * ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكنه فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون * (( . صدق الله العظيم. يتضح لنا من الآية الكريمة انه لا يجوز دخول المسكن الا باستئذان صاحبه . فإذا لم يكن هناك شخص فلا يجوز الدخول الا بعد الاستئذان . أما المنازل المهجورة وغير المسكونة فلا جناح من دخولها بدون إذن . فالحرمة تكون بسكن المنزل . فقد أحاطت الشريعة الاسلاميه المساكن بحرمة فهذه الحرمة تنشئ حق الدفاع الشرعي دفاعا عن المسكن وحرمته فقد قال تعالى فى سورة البقره ))فمن اعتدى عليكم فاعتدوا علية بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين (( . وجاء فى الحديث أن رسول الله (ص ) قال تعالى ( لو أن امرئ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح )) . رواه البخاري واللفظ له ومسلم . عن أبي هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فمن اطلع فى بيت إنسان من ثغب أو شق باب أو نحوه فرماه صاحب البيت بحصاه أو طعنه بعود فقلع عينه لم يضمنها " وبه قال الشافعي . أما أبى حنيفة فقد قال انه يضمنها لانه لو دخل منزله ونظر فيه أو نال من أمراه مما دون الفرج لم يجز قلع عينه فمجرد النظر أولى . وقد قال صاحب الذخيرة المالكي (( فإذا نظر الى خرم من كوه لم يجز أن يقصد عينه أو غيرها لانه لا تدفع المعصيه بالمعصيه وفيه القود أن فعل - ويجب أن نقدم الإنذار فى كل دفع )) . - أما الفيه لشوكاني فقد قال (( انه من قصد النظر الى مكان لا يجوز له الدخول إليه بغير أن جاز للمنظور الى مكانه أن يفقأ عينه ولا قصاص عليه ولا ديه )) . وقد خالف المالكية هذه الأحاديث فقالت إذا فعل صاحب المكان بمن اطلع عليه ما أذن به النبى (ص( ، وجب عليه القصاص أو إليه . وساعدهم على ذلك ( على هذا الرأي ) . جماعة من العلماء وغاية ما عولوا عليه قولهم أن المعاصي لا تدفع بمثلها ومن جمله ما عولو عليه قولهم " أن الحديث وارد على سبيل التغليظ والإرهاب . (1). ومن خلال استعراض آراء الفقهاء وخلافهم حول الحديث السالف الذكر نستقري ء من ذلك أن المساكن تتمتع بحرمة وهذه الحرمه تنشئ حق الدفاع عن هذه المساكن من الاطلاع دون إذن أو التلصص . وعليه لا يجوز انتهاك حرمة مسكن الا بإذن صاحبه أو لضروره كالبحث عن أدلة لكشف الجريمة ولضروره أعمالا لقوله تعالى (( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا أثم عليه )) . والقاعدة الشرعيه تقول الضرورات تبيح المحظورات )). وفى مقولة لسيدنا عمر بن الخطاب انه كان مارا بالمدينة فسمع صوتا فى منزل فارتاب وتسلق المنزل فرأى رجل وامراه يشربان الخمر فقال الرجل لسيدنا عمر :- أن كنت قد أغضبت الله تعالى فى واحدة فقد أغضبته أنت فى ثلاثة . قال تعالى (( لا تجسسوا )) وقد تجسست - وقال تعالى (( وآتوا البيوت من أبوابها )) وأنت تسورت - وقال تعالى )) ولا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها )) وأنت لم تسلم فعفى عنه الفاروق بعد أن اعلن توبته . فهذه الواقعه تبين لنا عدالة الإسلام وحمايته للحرمات اهتمامه بقدسية وسرية المساكن قبل الإعلانات العالمية والقوانين الوضعيه والدساتير . فقد فعل شرعنا خيرا عندما أورد نص بأكمله عن انتهاك الخصوصيه فقد جاء فى المادة 166 من القانون الجنائي لسنة 1991 الآتي ) من ينتهك خصوصية شخص بن يطلع عليه فى بيته دون إذنه أو يقوم دون وجه مشروع بالتصنت عليه أو بالاطلاع على رسائله أو أسراره يعاقب بالسجن مده لا تتجاوز سته اشهر بالغرامه أو بالعقوبتين معا )).
أخيرا فان الشريعه السمحاء تحفظ للفرد انسانيته وحرمته مسكنه . ونختم هذا المبحث بقوله تعالى (( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون )) .
|
|
| |
| |