| تاريخ المساهمة 28.08.11 12:39 | |
السؤال:
أسمعكثيرا عن أن هناك حِكَماً عظيمة لوقوع الابتلاء على الناس ، فما هي هذه الحكم ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم للابتلاء حكم عظيمة منها :
1- تحقيق العبودية لله رب العالمين
فإن كثيراً من الناس عبدٌ لهواه وليس عبداً لله ، يعلن أنه عبد لله ،ولكن إذا ابتلي نكص على عقبيه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين , قالتعالى( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَعَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌانْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُالْمُبِينُ )الحج/11 .
2- الابتلاء إعداد للمؤمنين للتمكين في الأرض
قيل للإمام الشافعي رحمه الله : أَيّهما أَفضل : الصَّبر أو المِحنةأو التَّمكين ؟ فقال : التَّمكين درجة الأنبياء ، ولا يكون التَّمكين إلا بعدالمحنة ، فإذا امتحن صبر ، وإذا صبر مكن .
3- كفارة للذنوب
روى الترمذي (2399) عن أبي هريرةرضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه ، وولده ، وماله ، حتىيلقى الله وما عليه خطيئة )رواه الترمذي (2399) وصححه الألبانيفي "السلسلة الصحيحة" (2280) .
وعَنْ أَنَسٍرضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَعَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِالشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . رواه الترمذي (2396) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1220) .
4- حصول الأجر ورفعة الدرجات
روى مسلم (2572) عَنْ عَائِشَةَ رضيالله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَافَوْقَهَا إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَاخَطِيئَةً ) .
5- الابتلاء فرصة للتفكير في العيوب ، عيوب النفس وأخطاء المرحلةالماضية
لأنه إن كان عقوبة فأين الخطأ ؟
6- البلاء درسٌ من دروس التوحيد والإيمانوالتوكل
يطلعك عمليّاً على حقيقة نفسك لتعلمأنك عبد ضعيف ، لا حول لك ولا قوة إلا بربك ، فتتوكل عليه حق التوكل ، وتلجأ إليهحق اللجوء ، حينها يسقط الجاه والتيه والخيلاء ، والعجب والغرور والغفلة ، وتفهمأنك مسكين يلوذ بمولاه ، وضعيف يلجأ إلى القوي العزيز سبحانه .
قال ابنالقيم :
" فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغواوبغوا وعتوا ، والله سبحانه إذا أراد بعبد خيراً سقاه دواء من الابتلاء والامتحانعلى قدر حاله ، يستفرغ به من الأدواء المهلكة ، حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه : أهَّلهلأشرف مراتب الدنيا ، وهي عبوديته ، وأرفع ثواب الآخرة وهو رؤيته وقربه " انتهى .
" زاد المعاد " ( 4 / 195 ) .
7- الابتلاء يخرج العجب من النفوس ويجعلها أقرب إلى الله .
قال ابن حجر : " قَوْله( وَيَوْمحُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتكُمْ ) رَوَى يُونُس بْنبُكَيْر فِي " زِيَادَات الْمَغَازِي " عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس قَالَ : قَالَرَجُل يَوْم حُنَيْنٍ : لَنْ نُغْلَب الْيَوْم مِنْ قِلَّة , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَىالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ الْهَزِيمَة .."
قالابن القيم زاد المعاد (3/477)
" واقتضت حكمته سبحانه أن أذاق المسلمينأولاً مرارة الهزيمة والكسرة مع كثرة عَدَدِهم وعُدَدِهم وقوة شوكتهم ليضع رؤوسارفعت بالفتح ولم تدخل بلده وحرمه كما دخله رسول الله واضعا رأسه منحنيا على فرسهحتى إن ذقنه تكاد تمس سرجه تواضعا لربه وخضوعا لعظمته واستكانة لعزته " انتهى .
وقال الله تعالى( وَلِيُمَحِّصَ اللّهُالَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ) آل عمران/141 .
قال القاسمي (4/239)
" أي لينقّيهم ويخلّصهم من الذنوب ، ومنآفات النفوس . وأيضاً فإنه خلصهم ومحصهم من المنافقين ، فتميزوا منهم. .........ثمذكر حكمة أخرى وهي ( ويمحق الكافرين ) أي يهلكهم ، فإنهم إذا ظفروا بَغَوا وبطروا ،فيكون ذلك سبب دمارهم وهلاكهم ، إذ جرت سنّة الله تعالى إذا أراد أن يهلك أعداءهويمحقهم قيّض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم ، ومن أعظمها بعد كفرهمبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه ومحاربتهم وقتالهم والتسليط عليهم ... وقد محق اللهالذي حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأصروا على الكفر جميعاً " انتهى .
8- إظهار حقائق الناس ومعادنهم . فهناك ناسلا يعرف فضلهم إلا في المحن .
قال الفضيل بن عياض : " الناس ما داموا في عافية مستورون ، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم ؛ فصارالمؤمن إلى إيمانه ، وصار المنافق إلى نفاقه " .
ورَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي "الدَّلائِل" عَنْ أَبِي سَلَمَة قَالَ : اُفْتُتِنَ نَاس كَثِير - يَعْنِي عَقِبالإِسْرَاء - فَجَاءَ نَاس إِلَى أَبِي بَكْر فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ : أَشْهَدأَنَّهُ صَادِق . فَقَالُوا : وَتُصَدِّقهُ بِأَنَّهُ أَتَى الشَّام فِي لَيْلَةوَاحِدَة ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة ؟ قَالَ نَعَمْ , إِنِّي أُصَدِّقهُ بِأَبْعَدمِنْ ذَلِكَ , أُصَدِّقهُ بِخَبَرِ السَّمَاء , قَالَ : فَسُمِّيَ بِذَلِكَالصِّدِّيق .
9- الابتلاء يربي الرجال ويعدهم
لقد اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم العيش الشديد الذي تتخللهالشدائد ، منذ صغره ليعده للمهمة العظمى التي تنتظره والتي لا يمكن أن يصبر عليهاإلا أشداء الرجال ، الذين عركتهم الشدائد فصمدوا لها ، وابتلوا بالمصائب فصبرواعليها .
نشأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتيماً ثم لم يلبثإلا يسيرا حتى ماتت أمه أيضاً .
والله سبحانه وتعالى يُذكّر النبي صلّىاللّه عليه وآله بهذا فيقول( ألم يجدك يتيماً فآوى ) .
فكأن الله تعالى أرد إعداد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ على تحمل المسئولية ومعاناة الشدائد من صغره .
10- ومن حكم هذه الابتلاءات والشدائد : أن الإنسان يميز بين الأصدقاءالحقيقيين وأصدقاء المصلحة
كما قال الشاعر:
جزى اللهالشدائد كل خير وإن كانت تغصصني بريقـي وما شكري لها إلا لأني عرفت بها عدوي منصديقي
11- الابتلاء يذكرك بذنوبك لتتوب منها
والله عز وجل يقول( وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيئَةٍ فَمِن نفسِكَ ) النساء/79 ، ويقول سبحانه : ( وَمَاأَصابَكُم من مصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُوا عَن كَثِيرٍ )الشورى/30 .
فالبلاء فرصةللتوبة قبل أن يحل العذاب الأكبر يوم القيامة ؛ فإنَّ الله تعالى يقول( وَلَنُذِيقَنهُم منَ العَذَابِ الأدنَى دُونَالعَذَابِ الأكبَرِ لَعَلهُم يَرجِعُونَ ) السجدة/21 ، والعذاب الأدنى هو نكدالدنيا ونغصها وما يصيب الإنسان من سوء وشر .
وإذا استمرت الحياة هانئة ،فسوف يصل الإنسان إلى مرحلة الغرور والكبر ويظن نفسه مستغنياً عن الله ، فمن رحمتهسبحانه أن يبتلي الإنسان حتى يعود إليه .
12- الابتلاء يكشف لك حقيقة الدنيا وزيفها وأنها متاع الغرور
وأن الحياة الصحيحة الكاملة وراء هذه الدنيا ، في حياة لا مرض فيهاولا تعب( وَإِن الدارَ الآخِرَةَ لَهِىَ الحَيَوَانُلَو كَانُوا يَعلَمُونَ ) العنكبوت/64 ، أما هذه الدنيافنكد وتعب وهمٌّ( لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ فيكَبَدٍ ) البلد/4 .
13- الابتلاء يذكركبفضل نعمة الله عليك بالصحة والعافية
فإنَّ هذه المصيبة تشرحلك بأبلغ بيان معنى الصحة والعافية التي كنت تمتعت بهما سنين طويلة ، ولم تتذوقحلاوتهما ، ولم تقدِّرهما حق قدرهما .
المصائب تذكرك بالمنعِم والنعم ،فتكون سبباً في شكر الله سبحانه على نعمته وحمده .
14- الشوق إلى الجنة
لن تشتاق إلى الجنة إلاإذا ذقت مرارة الدنيا , فكيف تشتاق للجنة وأنت هانئ في الدنيا ؟
فهذه بعضالحكم والمصالح المترتبة على حصول الابتلاء وحكمة الله تعالى أعظم وأجل .
والله تعالى أعلم .
|
|
| تاريخ المساهمة 28.08.11 14:08 | |
البلاء درسٌ من دروس التوحيد والإيمانوالتوكل
|
|
| تاريخ المساهمة 29.08.11 19:54 | |
|
|
| |
| تاريخ المساهمة 30.08.11 3:43 | |
|
|
| تاريخ المساهمة 31.08.11 12:35 | |
حضوركم الساحر يزيد من جمال موضوعي وكلامكم الرائع ينثر ظلاله على معاني كلماتي وحروفي تقف عاجزة عن شكركم اخوكم ابو منار
|
|