| تاريخ المساهمة 21.09.11 0:43 | |
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على خاتم النبيين, والمبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين
مـراحـل الطـــريــق إلى الله
كيف أبدأ؟
أجمل الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم مراحل الطريق إلى الله في قوله تعالى (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا..). فقول "ربنا الله" يعني تحديد الوجهة والهدف بتحديد الألوهية والربوبية, ثم أجمل الطريق كله في "ثم استقاموا".
وبين نتيجة ذلك في سورتي فصلت والأحقاف؛ فقال في سورة الأحقاف (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ونتذكر هنا قوله تعالى أن أولياء الله هم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون في سورة يونس (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون. لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم).
ومعنى هذا أن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتحقق فيهم الولاية؛ لأن قول "ربنا الله" ثم الاستقامة كما أمر سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين التائبين (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير) يمكن التعبير عنه كما في الآية (الذين آمنوا وكانوا يتقون.). فالإيمان والتقوى هما صورة أخرى لقوله تعالى (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا..).
ووصف جزء من أعلى مراتب الطريق وهو الدعوة إلى الله وسلوك الولي مع خلق الله في سورة فصلت فقال تعالى (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون. نزلا من غفور رحيم. ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين. ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).
وفي قوله صلى الله عليه وسلم عن رب العزة في الحديث القدسي (إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن: يكره الموت، وأنا أكره مساءته) صحيح البخاري عن أبي هريرة وقال السيوطي: صحيح.
نجد أن الحق سبحانه وتعالى قسم الطريق إليه تقسيما آخر, فقسمه قسمين: الأول هو الفرائض, والثاني هو النوافل.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن ذات يوم عند نبي الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى قال يزيد: لا نرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ثم قال: يا محمد أخبرني عن الإسلام ما الإسلام فقال: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيل)ا قال: صدقت قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه قال: ثم قال: أخبرني عن الإيمان قال: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره) قال: صدقت قال: فأخبرني عن الإحسان قال: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) قال: فأخبرني عن الساعة قال: (ما المسؤول عنها بأعلم بها من السائل) قال: فأخبرني عن إماراتها قال: (أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البناء) قال: ثم انطلق فلبث مليا قال يزيد ثلاثا فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عمر أتدري من السائل) قال قلت: الله ورسوله أعلم قال: (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم). أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وأحمد عن عمر, ومتفق عليه والنسائي وبن ماجة عن أبي هريرة.
وفي هذا الحديث نجد تقسيم مراتب الطريق إلى ثلاثة مراتب رئيسية:
1. مرتبة الإسلام.
2. مرتبة الإيمان.
3. مرتبة الإحسان.
مرتبة الإسلام:
وهي مرحلة العمل بالجوارح لضبط الظاهر؛ فالشهادتين عمل باللسان, والصلاة عمل وحركة بالجسد, والصيام فعل عبادة سلبي بالامتناع عن متع مباحة للجسد, والزكاة عمل مادي ظاهر باليد, والحج عمل بالجسد كله.
وهي يقابلها امتناع عن أمور مادية ظاهرة من الإثم؛ كالقتل, والسرقة, والزنا, والغيبة, والنميمة, والكذب, وأكل السحت والحرام عموما, والنظر إلى المحرمات. فهي كما نرى تخلي وترك لأفعال سماها الحق عز وعلا "ظاهر الإثم" وأمر بتركها في قوله تعالى (ذروا ظاهر الإثم وباطنه). أما باطن الإثم فيترك في المرحلة التالية وهي مرحلة الإيمان.
مرتبة الإيمان:
1- أفعال هذه المرحلة كلها من أعمال القلب؛ فالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره كلها من فعل القلب. وصفات الإيمان هذه التي يجب التحلي بها تقابلها صفات أخرى موجودة في القلب أيضا يجب التخلي عنها؛ الشهوة والغضب والكبر والحرص والحسد والبخل والحقد. وهذا ما يعرف بأبواب جهنم السبع. وهي باطن الإثم.
مرتبة الإحسان:
وهي مرحلة كمال رحلة العودة إلى أحسن تقويم. وفيها يترقى العبد في مستويات الكمال بعد النفس المطمئنة, وهذا مقام كبار الأولياء والصديقين. ولسوف نذكر حديثا يوضح حال أحد الصحابة للفهم, فعن أنس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد والحارث بن مالك نائم فحركه برجله: قال: (ارفع رأسك،) فرفع رأسه فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف أصبحت يا حارث بن مالك؟) قال: أصبحت يا رسول الله مؤمنا حقا قال: (إن لكل حق حقيقة فما حقيقة ما تقول؟) قال: عزفت عن الدنيا [أي رغبت عن الدنيا]، وأظمأت نهاري وأسهرت ليلي، وكأني أنظر إلى عرش ربي فكأني أنظر إلى أهل الجنة فيها يتزاورون وإلى أهل النار يتعاوون، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أنت امرؤ نور الله قلبه عرفت فالزم).
أخرجه البزار وابن عساكر عن أنس, والطبراني عن الحارث بن مالك.
وقوله صلى الله عليه وسلم للحارث (عرفت فالزم) ظهر عنه مصطلح "العارف بالله" لأنه توضيح لقوله تعالى (واتقوا الله ويعلمكم الله) وقوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ وَرَّثَهُ اللَّهُ عِلْمَ مِا لَمْ يَعْلَمْ) أبو نعيم في الحلية من حديث أنس بهذا اللفظ، وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس مرفوعاً: (مَنْ تَعَلَمَ عِلْمَاً فَعَمِلَ بِهِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعَلِّمَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمْ) وفي كتاب رواية الكبار عن الصغار لأبي يعقوب البغدادي عن سفيان: (مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ وُفِّقَ لِمَا لا يَعْلَمُ).
مراحل الطريق:
تكلم الكثيرون من كبار العلماء عن مراحل أو مقامات الطريق واعتبر أغلبهم إن لم يكن كلهم أن أول مقامات الطريق أو أول مرحلة فيه هي التوبة, إلا أني سمعت الشيخ رضي الله عنه وأرضاه يضع مقاما أو مرحلة قبلها وهي مرحلة انتباه العبد من الغفلة وسماها مرحلة اليقظة أو القومة لله. إلا أني للتوضيح أحب أن أبدأ قبل ذلك, أريد أن أتحدث أولا عن مرحلة الغفلة لكي أزيد الأمر إيضاحا.
الـغـفـلـــة: يصف الحق سبحانه وتعالى الغافلين ولم هم كذلك ومآلهم في قوله تعالى (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون).
الأصل أن الطفل يولد على الفطرة, وبعد ذلك يتأثر بالبيئة المحيطة به من أبوين وأهل وأصدقاء ومجتمع فتندثر هذه الفطرة تحت ركام هذه التأثيرات؛ فيقع في الغفلة عن هذه الفطرة التي تهديه وتساعده على الاتجاه إلى الله بصورة سليمة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) أبو يعلى في مسنده والطبراني في الكبير والبيهقي في السنن عن الأسود بن سريع وقال السيوطي: صحيح.
نمط الحياة التي نعيشها الآن من مادية مفرطة, والقيم السائدة في المجتمع من تعظيم للمادة وبالتالي الاهتمام كل الاهتمام بكافة الوسائل التي تساعد وتكفل الحصول عليها والتفوق في جمعها, أدت لطمس الكثير من قدرات الإنسان الغير مادية والتي وضعها الله فيه لتساعده على إدراك وفهم ما حوله والإحساس به وتعينه في رحلة العودة لأحسن تقويم كالقلب والروح. وأيضا من يتذكر في وقت من الأوقات إما أن يقول هو أو يقال له "لسة الحياة قدامك طويلة, لما تستريح ماديا وتضمن مستقبل ولادك أبقى أعمل فيها شيخ" وهذا من خطأ قاتل يسمى "طول الأمل", وإما أن يأخذ مظهرا خارجيا من مظاهر الدين ليريح ضميره أنه فعل ما عليه وأن "العمل يا أخي عبادة". من قال أننا نقول له ألا تعمل؟ ولكن كما تعمل للدنيا بجد, اعمل للآخرة بجد أيضا. طالما أنت من أهل الحساب و"الكالكيولاتور" أنظر لمدة بقائك في الدنيا ومدة بقاء الآخرة واعمل لكل حسب الوزن النسبي للزمن.
الــيــقـــظــــــــة (الانتباه من الغفلة):
تتعدد طرق انتباه الناس من الغفلة حسبما يقدر الله لكل فرد منهم.
فمنهم من يمرره الله بتجربة صعبة فلا يجد له ملجأ إلا إلى الله فيفيق, ومنهم من يمل الحال الذي هو عليه لأنه لا يجد فيه بغيته فيبحث عن الأرقى والأعلى فيتجه إلى الله, وبهذا وبغيره ا تتعدد الطرق والوسائل التي تؤدي بالعبد إلى الإفاقة من الغفلة والاتجاه إلى الله. وأيضا طالما أنت تقرأ هذا فأنت بدأت مرحلة اليقظة.
|
|
| |
| تاريخ المساهمة 27.09.11 12:46 | |
دُمتَمْ بِهذآ الع ـطآء أإلمستَمـرٍ
يُسع ـدني أإلـرٍد على مـوٍأإضيعكًـم
وٍأإألتلـذذ بِمـآ قرٍأإتْ وٍشآهـدتْ
تـقبلـوٍ خ ـآلص احترامي
لآرٍوٍآح ـكُم أإلجمـيله
|
|
| |