حكم
قضاء الصوم الواجب على الميت
679\ 30 – عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : " من مات وعليه صيام صام عنه وليه " متفق عليه .
-
يشرع للولي أن يقضي الصوم على من مات وعليه صوم واجب ، لأنه
إحسان وبر وصلة.
-
الحديث مختص بمن كان معذوراً لمرض أو سفر أو حيض أو نفاس ثم زال
عذره وتمكن من القضاء ولم يقضي حتى مات فهذا هو الذي يتناوله الحديث .
أما من مات قبل إمكان الصيام كما لو امتد به
المرض إلى الموت ولم يجد وقتاً للقضاء فهذا لا شيء عليه ولا على وليه .
هل يختص ذلك بالولي ؟
لا ؛ لأنه تبرع فأشبه قضاء الدين
عنه وأما ذكر الولي في الحديث فقد خرج مخرج الغالب .
هل يجزئ الصوم عن الميت أو الإطعام ؟
ق1 ( أصحاب الحديث أبي ثور وجماعة ) يجزئ صوم الولي عن الميت .
ق2 ( أبي حنيفة ومالك وأحمد والشافعي في
الجديد ) أنه لا يصام وإنما يطعم عنه .
هل الأمر في الحديث على الوجوب أم الاستحباب ؟
ق1 ( الجمهور ) محمول على الاستحباب .
ق2 ( أهل الظاهر ) الأمر للوجوب أخذاً بظاهره .
والصواب مع الجمهور
لأنه لو قيل بالوجوب للزم أن يأثم الولي بعدم
القضاء ، لكونه ترك واجباً وهذا لا يصح لقوله تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى )
مسألة : القائلون بأنه يصام عن الميت اختلفوا
في نوع ما يصام عنه ؟
ق1 ( قول الشافعية وابن حزم ) يصام عنه كل صيام واجب صوم رمضان
أو نذر واستدلوا بعموم الحديث .
ق2 ( مذهب الإمام أحمد ) لا يصام عنه إلا النذر نص عليه أحمد
واستدلوا : 1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاءت امرأة إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر ، أفأصوم
عنها ؟ " قال صلى الله عليه وسلم : " أرأيت إن كان على أمك دين فقضيتيه
أكان ذلك يؤدي عنها ؟ "
قالت : نعم ، قال : " فصومي عن أمك
"
1- وفي رواية جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر ، أفأقضيه عنها ؟ فقال صلى
الله عليه وسلم : " لو كان على أمك دين أكنت قاضيه ؟ " قال نعم ، قال : "
فدين الله أحق أن يقضي " .
الشاهد : فيحمل المطلق وهو حديث عائشة على المقيد وهو
حديث ابن عباس على قضاء صيام النذر
2- استدلوا بآثار وردت
عن الصحابة كعائشة وابن عباس بالإطعام عنه .
3- قاسوا الصيام على
سائر العبادات ؛ فإنه لا يقوم بها أحد ، عن أحد ، إلا الحج فإنه مخصوص . ولأن
الصوم المفروض قد جعل الله له بدلاً في الحياة وهو الإطعام ، فوجب أن يكون له بدلاً
بعد الموت مثل الحياة .
والقائلون بأن قضاء الصوم عن الميت عام في كل
صيام واجب أيدوا قولهم بأمرين :
1- حديث عائشة قاعدة
كلية لجميع الأمة بأن من مات وعليه صيام صام عنه وليه ، وحديث ابن عباس فرد من
أفراد هذه القاعدة فلا تعارض بينهما حتى يحمل المطلق على المقيد – بل حديث ابن
عباس ما يدل على دخوله في عموم حديث عائشة رضي الله عنها وهو قوله " فدين
الله أحق أن يقضي "
2- كيف يحمل حديث
عائشة على صوم النذر فقط ، وتمنع دلالته على الواجب بأصل الشرع
مع أن الواجب بأصل الشرع أكثر وقوعا .
-
أليس هذا من رفع دلاله الحديث على ما هو غالب وحمله على ما هو
نادر ؟
وهذا يؤدي إلى تعطيل أكثر موارد النص وأغلبها
. والله أعلم .
فائدة : مالك وأبو حنيفة استدلوا بحديث ابن
عمر " من
مات وعليه صيام أطعم عنه مكان كل يوم مسكين " أخرجه الترمذي وقال غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .