| تاريخ المساهمة 18.08.11 17:56 | |
قضية رقم 128 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية" مبادئ الحكم: أجازة سنوية-تعويض - أجازة-الحق فيها - أجازة-حجية - تعويض-ملكية - حق العمل-تنظيمه - حق العمل-شروطه - دعوى دستورية-مصلحة نطاقها - مقابل نقدى لرصيد الأجازات-تعويض - هيئة عامة-إتحاد الإذاعة نص الحكم باسم الشعب المحكمة الدستورية العليا بالجلسة العلنية المنعقدة يـوم الأحــد 9 يناير سـنة 2005 م ، الموافق 28 من ذى القعدة سنة 1425 هـ . برئاسة السيد المستشار / ممــدوح مــرعى رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين : حمدى محمد على وعدلى محمود منصـور وعلى عوض محمد صالح ومحمد عبدالعزيز الشناوى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى فى القضية المقيدة بجدول المحكمـة الدستورية العليا برقم 128 لسنـة 25 قضائية " دستورية " المحالة من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 1631 لسنة 9 قضائية .
المقامة من 1 ـ السيد / عاطف محمد حسين إبراهيم
ضــــــــد 1 ـ السيد رئيس مجلس الوزراء 2 ـ السيد رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون
الإجراءات بتاريخ الخامس من شهر أبريل سنة 2003 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 1631 لسنة 9 " قضائية " من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط ، بعد أن قررت تلك المحكمة وقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية الفقرة قبل الأخيرة من المادة (59) من لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون الصادرة بالقرار رقم 590 لسنة 1996 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعـدم اختصاص المحكمة . وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها . ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة . حيث إن الوقائع ـ على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 1631 لسنة 9 " قضائية " أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط ضد المدعى عليه الثانى ، طالباً الحكم بإلزامه بأن يؤدى له المقابل النقدى عن رصيده من الإجازات الاعتيادية التى لم يحصل عليها أثناء مدة خدمته ، وبجلسة 29/1/2003 قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة قبل الأخيرة من المادة (59) من لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون الصادرة بقرار رئيس مجلس الأمناء رقم 590 لسنة 1996 ، فيما تضمنته من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز خمسة أشهر .
وحيث إن المادة (59) من لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون المار ذكرها – والتى تحكم واقعة الدعوى – تنص فى فقرتها قبل الأخيرة على أنه :- " فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الأجازات الاعتيادية يستحق عن هذا الرصيد أجره الشامل الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أجر خمسة أشهر " .
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية إنما يتحدد بما يكون لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية وهو ما تتحقق به المصلحة الشخصية للمدعى . لما كان ذلك ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق المدعى فى المقابل النقدى لرصيد إجازاته فيما زاد عن خمسة اشهر ، فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فى نص الفقرة قبل الأخيرة من المادة (59) من اللائحة المشار إليها فيما تضمنه من وضع حد أقصى لرصيد الإجازات الذى يستحق مقابلاً عنه .
وحيث إن اتحاد الإذاعة والتليفزيون وفقاً لقانون إنشائه رقم 13 لسنة 1979 ، هو هيئة عامة تتولى إدارة مرفق عام ، وهو الإذاعة المسموعة والمرئية فى جمهورية مصر العربية ، ومن ثم فهو شخص من أشخاص القانون العام ، ويعتبر العاملون فيه موظفين عامين يرتبطون به بعلاقة تنظيمية تحكمها لائحة نظام العاملين الصادرة بقرار رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون ، والتى تتضمن النص المطعون فيه ، وهى بهذه المثابة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعى تمتد إليه الرقابة الدستورية لهذه المحكمة ، ومن ثم يكون الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فى غير محله جديراً بالرفض .
وحيث إنه – من المقرر فى قضاء هذه المحكمة – أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها وآثاراً يرتبها ، من بينها – فى مجال حق العمل – ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفاً وإنسانياً ومواتياً ، فلا ترهق هذه الشروط بفحواها بيئة العمل ذاتها ، أو تناقض بآثارها ضرورات أداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها ، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها ، وإلا كان تقريرها انحرافاً بها عن غايتها ، يستوى فى ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية .
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) تنظيم حق العمل ، إلا أنها لا يجوز لها أن تعطل جوهره ، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها ، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التى ينبغى أن يمارس العمل فيها ، ويندرج تحتها الحق فى الإجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها ، وإلا كان ذلك منها عدواناً على صحته البدنية والنفسية ، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها ، ونكولاً عن الحدود المنطقية التى ينبغى – وفقاً للدستور – أن تكون إطاراً لحق العامل واستتاراً بتنظيم هذا الحق للحد مـن مداه . وحيث إن المشرع قد صاغ فى الإطار السابق بيانه بنص المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين فى الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 – وهو القانون العام بالنسبة للعاملين فى الدولة وهيئاتها العامة – حق العامل فى الإجازة السنوية ، فغدا بذلك حقاً مقرراً له بنص القانون ، يظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة ، وقد نقلت عنه لائحة شئون العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون ، فقد جاء نص المادة (59) منها متضمناً لذات الأحكام .
وحيث إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل فى إجازة سنوية بالشروط التى حددها ، أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية ، ولا يجوز بالتالى أن ينزل عنها العامل ولو كان هذا النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها ، إذ هى فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة ، فلا يملك أيهما إهدارها كلياً أو جزئياً إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل ، ولا أن يدعى العامل أنه بالخيار بين طلبها أو تركها ، وإلا كان التخلى عنها إنهاكاً لقواه ، وتبديداً لطاقاته ، وإضراراً بمصلحة العمل ذاته التى يتعذر صونها مع الاستمرار فيه دون انقطاع . بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخص فيه ، أو التذرع دون تمامه بدواعى مصلحة العمل ، وهو ما يقطع بأن الحق فى الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه ، وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة ويمس مصالحها العليا بصون قواها الإنتاجية البشرية .
وحيث إن المشرع قد دل بنص الفقرة المطعون فيها من اللائحة سالفة الذكر ، على أن العامل لا يجوز أن يتخذ من الإجازة السنوية وعاءً ادخارياً من خلال ترحيل مددها التى تراخى فى استعمالها ، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر ، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على العامل سوء قصده ، فلم يجز لـه أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة لا تجاوز خمسة أشهر ، وهى مدة قدر المشرع أن قصرها يعتبر كافلاً للإجازة السنوية غايتها ، فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها ، إلا أن هذا الحكم لا ينبغى أن يسرى على إطلاقه ، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها فيجوز للعامل عندئذ – وكأصل عام – أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة ، إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحـو ممكناً عيناً ، وإلا كان التعويض النقدى عنها واجباً ، تقديراً بأن المدة التى امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل ، فكان لازماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك .
وحيث إن الحق فى هذا التعويض لا يعدو أن يكـون مـن العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل ، مما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلها المادتان ( 32 و34 ) من الدستور اللتان صان بهما حق الملكية الخاصة ، والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام ، وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها . متى كان ذلك ، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر لـه يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة .
فلهـــذه الأسبـــاب حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة قبل الأخيرة من المادة (59) من لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون الصادرة بقرار رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون رقم 590 لسنة 1996 ، وذلك فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أجر خمسة أشهر ، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل .
|
|
|
| |
| |