| تاريخ المساهمة 16.09.11 11:21 | |
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الصوفية علم وعمل الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أحمده تعالى وأستهديه وأستغفره وأتوب إليه وأعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا.والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقرّة أعيننا أحمد بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه سراجًا وهاجًا وقمرًا منيرًا، فهدى الله به الأمّة وكشف به عنها الغمّة وبلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًا من أنبيائه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله.اعلموا أن الله تعالى يقول في القرءان الكريم:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).أيها الأحبة الكرام، لقد أمر الله تبارك وتعالى بالقول السديد وهو عبارة عن القول الذي حسّنه الشرع، فما حسّنه الشرع فهو حسن وما قبّحه الشرع فهو قبيح.فمن أراد بحبوحة الجنة فليلزم ما شرع الله تعالى ولا يخالف ما عليه جمهور أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وجمهور أمة محمد هم السواد الأعظم، وعلماؤهم العاملين صفت قلوبهم عن الكدر والغش والنفاق، وسلكوا طريق الصوفية الحقة وراعوا أصولها ولهم درجة عالية عند الله تعالىفالله تبارك وتعالى مدحهم في القرءان الكريم بقوله:(إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) ومما ينبغي علينا في هذا الزمان الذي كثرت فيه المفاهيم الفاسدة بيان معنى الصوفية، إذ أن بعض الناس ذمّوا الصوفية واعتبروها زندقة وألفوا كتبًا في الطعن بأهل الصوفية الأكابر، وفئة أخرى من الناس أدخلوا ما يخالف دين الله تعالى بدعوى التصوف، فلا هؤلاء على الحق ولا هؤلاء.فالصوفية الحقة إخوة الإيمان هي الالتزام الكامل بشرع الله، وأول طريقها صحة الاعتقاد بالله تعالى وأنبيائه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره واجتناب الكفر بجميع أنواعه مع معرفة الضروريات من علم الدين التي لا بد منها لتأدية الأعمال على الوجه الذي أمر الله به، ثم صفاء المعاملة مع الله تعالى بأداء الواجبات واجتناب المحرمات مع إخلاص النية لله تعالى والصدق بالقول والعمل والأحوال،ثم الإكثار من النوافل والعطف على الفقراء والمساكين ومساعدة أصحاب الحاجات بما أقدره الله عليه، وعدم تعلّق القلب بالدنيا حتى يستوي عنده الذهب والمدر (أي التراب)، والتواضع والتأدب بآداب الشريعة، واتّباع الرسول في كلّ كبيرة وصغيرة عملاً بقوله عزّ وجلّ:(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ، فمن سلك هذا الطريق كان من أهل الصوفية الحقة وبلغ مرتبة عليّة عند الله تعالى وكان من أحباب الله وأوليائه.وقد كان أول الصوفية في أمة محمد صلى الله عليه وسلّم أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه ثم أشباهه في صفاء الاتباع لرسول الله، ثم من بعد الصحابة كان أويس القرنيّ الصوفي الزاهد الذي مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقوله:”خَيْرُ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مِنْ قَرَن ثُمَّ مِنْ مُرَاد، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَأَذْهَبَهُ اللهُ عَنْهُ إِلا قَدْرَ دِرْهَمٍ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُ فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ“ فقد كان مستجاب الدعاء، ثم لما كانت خلافة عمر بن الخطاب التقى به سيّدنا عمر رضي الله عنه وسأله أن يستغفر له مع أن سيّدنا عمر هو أفضل عند الله تعالى لكن مع ذلك عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب منه أن يستغفر له، فهذا حال أهل الصوفية المتواضعين.ثم أويس كان فقيرًا رثّ الثياب فأمر عمر أن يجعل له راتبًا فلم يقبل بل ءاثر فقره على الغنى والرفاهية.إخوة الإيمان ليست الصوفية مذمومة على الإطلاق بل المذموم هو من ادعى التصوف ثم خالف الشريعة وترك العمل بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا بد للصوفي أن يعمل بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وباطنًا، ليس كما يقول بعض مدعي التصوف عن الذين يشتغلون بالعلم (أنتم أهل الظاهر أما نحن أهل الباطن)يقولونها على معنى الذم والتنقيص لشأن العلم، وهذا فساد ظاهر إذ فيه تكذيب لكتاب الله تعالى ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ”فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ، وَإِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ حَتَى الْحِيتَانَ في الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ“.وقد ظهرت فئة من مدّعي التصوف من شدّة غلوّهم ذكروا في كتبهم أن من قرأ كذا وكذا من الآيات القرءانية وصل إلى ما لم يصل إليه نبي ولا ولي من المقامات العلية، فيجب الحذر من ذلك فإنهم خالفوا قول الله تعالى في حق الأنبياء:(وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ)،فكل كلام يكذب القرءان فهو كفر وضلال ولو وجد في ألف كتاب.عباد الله... لقد حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على طلب العلم الديني لننتفع به ونعمل بما ينجينا من عذاب يوم عظيم، فأقبلوا على مجالس العلم فإنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قال:”وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتِهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًى بِمَا يَصْنَعُ“.وليعلم أن الإقبال على طلب علم الدين هو من علامات الفلاح يوم القيامة فكونوا منهم رحمنا الله وإياكم.
|
|
| |
| |