| تاريخ المساهمة 19.09.11 21:41 | |
كان يوما شاقاً ومرهقاً وطويلاً لأقصى حد، فقد خرجت من الصباح الباكر ولم أصل إلا والليل يعلن عن انتصافه، استقبلتني ابنتي الوحيدة بحض دافئ، واسع، ملئ بالشوق واللهفة، ارتمت بين أحضاني، أو قل إن شئت ارتميت أنا بحضني بين ذراعيها أتلمس فيهما حنان أمي، ولهفة زوجتي، وخوف أبي، واشتياقي لابنتي… وأخذت الطفلة ذات الأربعة عشر ربيعاً تنهنه من البكاء وتضرب على ظهري وهي تحضنني، وتبكي صارخة لا تغب عني يا أبي مرة أخرى، لا تتركني يا أبي مرة ثانية…. وأنا أطمئنها لا تقلقي يا حبيبتي، أعدك أن لا أفعلها مرة أخرى، ولكن والله السيارة تعطلت والموظف الحكومي……….. ولكنها لم تدعني أكمل حديثي حتى وضعت إصبعها على فمي وقالت، لا أريد تبريرات يا أبي، لا تتركني مرة أخرى، لا تتركني كما تركتني سابقاً، لا تدع شمسك تغيب عن أرضي، ولا نورك يسطع على نبت خلافي، أعرف أني أنانية يا أبي ولكني أحبك، ولا أطيق أن أفتقدك كما افتقدتك طوال السنوات الماضية وأنت مهاجر بعيد عني، لا أتخيل يا أبي أن تتركني مرة أخرى بعد أن ارتويت من الحنان، ونمت في عيونك في أمان، لا تتركني يا أبي أغيب عن ناظريك وإن اضطررت فهاتفني كل ساعة بل أقل من ساعة، فساعة هي زمن كثير، لا تدع القلق يفترسني، ولا الانتظار يقتلني، ولا الهواجس تلعب في ذهني…. ووعدتها وأنا أمسح عن دموعها، لن أتركك مرة أخرى يا حبيبتي، لا تقلقي فقد أكون جئتك متأخراً، ولكن إلي أن أغرب أنا معك والي أن يخفت نوري لن أدعك… ودخلنا البيت وهي تقول بعد الشر عنك يا أبي، شمسك جاءتني متأخرة نعم، كانت مشرقة في منطقة أخرى وأنا رضيت بنصيبي فيك، ولكن الشمس لا تغيب بعد فجرها بساعة وإنما يومها طويل تعطي الزرع بهاؤه، والقلب نوره، وتهدي للحائر طريقه، وللنائم يقظته، وتحقق للحالم فكرته، وتبعث في اليائس أمله وهمته، وأنت يا أبت جئتني وأنا كل هؤلاء فلا تتركني إلا وأنا قوية، بعد أن تكون رويتني من ماء خبرتك ونور همتك وأطعمتني من توجيهات ورعاية فطنتك… ولم أملك سوى أن أمسح دمعي ودمعها وأعدها أن حياتي لها وحبي لها ومعدتي الجائعة الآن تشتكي لها، فضحكت وقامت تهرول نحو المطبخ وقالت سأطعمك حباً وسأشربك وداً، فقلت لها والتحلية سكر من شفتيك، ولكن إن لم تسرعي سآتي أأكلك عن آخرك……….
|
|
| |
| تاريخ المساهمة 19.09.11 22:24 | |
سلمت الايادى يابروف
|
|