]بسم الله الرحمن والرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[المحسنين ، التوابين ، المتقين ، الصابرين، المتوكلين ، المقسطين ]
عن سيدنا أبى هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل : إن الله قد أحب فلاناً
فأحبه ... فيحبه جبريل ، ثم ينادى جبريل فى السماء إن الله قد أحب فلاناً
فأحبوه .... فيحبه أهل السماء ويوضع له القَبول فى الأرض "أخرجه أحمد في
مسنده (2/514) والبخاري في صحيحه ومسلم والترمذى
إن
الله تعالى سيجعل للمؤمنين مودة ومحبة دائمة تقوم على الإيمان وقد تنشأ
المودة بسبب القرابة أو المصالح المتبادلة أو الصداقة ، فهذه أسباب المودة
في الدنيا بين الخلق جميعاً مؤمنهم وكافرهم
إنما" سَيَجْعَلُ لَهُمُ
الرَّحْمَنُ وُدًّا " أى بدون سبب من أسباب المودة الدنيوية فهذه المودة
بين الذين آمنوا ، كأن ترى شخصاً لأول مرة فتشعر نحوه بارتياح كأنك تعرفه ،
وتقول له إني أحبك لله سبحانه وتعالى
فدائماً الارتباط بين الإيمان
أى التصديق بالله تعالى والإخلاص له تعالى وبالحضور القلبي وخشوعه فذلك
يؤكده العمل الصالح كما جاء فى الحديث القدسي: "ما أقبل علىّ عبد بقلبه إلا
أقبلت عليه بقلوب المؤمنين جميعاً "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله أعطى المؤمن الألفة والملاحة والمحبة في صدور الصالحين والملائكة المقربين - ثم تلا قول الله تبارك وتعالي"
" إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا "مريم96
أي الذين صدقوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا أي حباً في قلوب عباده
ما أقبل أحد بقلبه على الله تعالى إلا أقبل الله تعالى بقلوب أهل الإيمان إليه حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم.
وقيل: يجعل الله تعالى لهم مودة في قلوب المؤمنين والملائكة يوم القيامة
أى إذا كان محبوباً في الدنيا فهو كذلك في الآخرة
فإن الله تعالى لا يحب إلا مؤمناً تـقيا، ولا يرضى إلا خالصاً نقياً، جعلنا الله تعالى وإياكم منهم بمنه وكرمه
وقال سيجعل أى للسرعة للرحمة والمودة ولم يقل هنا سوف التي تدل على طول الوقت
فإن القلب مستودع العقائد وينبوع الصالحات كلها ، أى أن الله تعالى وهب لك
ما يملك من قلوب الناس جميعاً فهى فى يده تعالى يوجهها كيف يشاء- وإنه
تعالى يكون ودوداً أى محباً للعبد ما دام العبد فى معيته بطاعاته وفى حالة
دائمة بالتواصل معه تعالى فى كل الظروف أى فى السراء يكون شاكر على كل
النعم التى من تعالى عليه وعند الضراء يكون صابراً بدون سخط ولا جزع فهذا
هو تواصل العبد بينه وبين ربه
فارتباط الرحمة بالود في القرآن
الكريم دليل على حب الله سبحانه وتعالى لعباده أى يدخلون فى باب رحمته
فيكون ودود معهم كقوله تعالى:-
" وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ"هود 90
أى رحيم بالمؤمنين ومحب لهم بالودود فتكون رحمة خاصة لأمة المؤمنين فى الآخرة
وقوله تبارك تعالى " سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا" أى رحمن فى الدنيا لكل الناس أى رحمة شامة عامة
كيف يتحقق الود أو الحب بيننا وبين رب العالمين؟؟!!
دليل صدق الحب هو قيام العبد بالتكليف وما دُمت أنت عبرت عن صدق عواطفك
بحبك لله تعالى فلابد أن يُحبك الله فإن التكليف قد يبدو شاقاً عليك فتهمله
فلا يكفى أن تحب الله تعالى لنعمة إيجاده وإمداده لك فالتكليف أيضاً نعمة
لأنها تعود عليك بكل الخير والنفع
فمعيار الحب التواضع والمذلة
والحضور القلبي والاستغناء عن كل ما يُلهى لأن من استغنى أغناه الله تعالى
وفى قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ
عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ
أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ
فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"المائدة54
يقول تبارك تعالى مخبراً عن قدرته العظيمة أنه من تولى عن نصرة دينه
وإقامة شريعته, فإن الله يستبدل به من هو خير لها منه, وأشد منعة, وأقوم
سبيلاً, "أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين" هذه صفات المؤمنين الكمل أن
يكون أحدهم متواضعاً لأخيه ووليه, متعززاً على خصمه وعدوه
كما قال تعالى: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ " الفتح 29
وفي صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه الضحوك القتال, فهو ضحوك لأوليائه قتال لأعدائه
وقوله عز وجل " يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ
لَوْمَةَ لآئِمٍ " أي لا يردهم عما هم فيه من طاعة الله, وإقامة الحدود,
وقتال أعدائه, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, لا يردهم عن ذلك راد,
ولا يصدهم عنه صاد, ولا يحيك فيهم لوم لائم, ولا عذل عاذل
ولله المثل
الأعلى : نرى الأم ولها ولدان : أولهما قادر ثرى يأتي لها بما تريد ،
وثانيهما ضعيف فقير ذليل متواضع فنجد قلب الأم دائماً مع هذا الضعيف الفقير
وتُحنن قلب القوى القادر على الفقير الضعيف
اللهم اجعلنا من الضعفاء
الفقراء إليك يا الله اللهم أنت الغنى ونحن الفقراء إليك يا الله اللهم
أنت الكريم ونحن المحتاجين إليك يا الله اللهم أنت العزيز ونحن الأذلاء
إليك يا الله
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع:
أمرني بحب المساكين والدنو منهم
وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني , ولا أنظر إلى من هو فوقي
وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت
وأمرني أن لا أسأل أحداً شيئاً
وأمرني أن أقول الحق وإن كان مراً
وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم
وأمرني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله, فإنهن من كنز تحت العرش .
فيتحقق حب الله تعالى بثلاث
1- من يشعر ويقول (من رضى بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله
عليه وسلم نبياً ورسولاً وبكتابه حكماً وإماماً يعنى منهجه وشرعته وهدفه)
2- الإتباع لمنهج رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى:-
" قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "آل عمران 31
ونزلت لما قالوا ما نعبد الأصنام إلا حبا لله ليقربونا إليه – " قل" لهم
يا رسول الله " إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللّهُ"
بمعنى أن يثيبكم ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور لمن اتبعني ما سلف منه قبل ذلك (رحيم) به
3- من ذاق عرف ومن عرف اغترف أي من طاعة الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم
" لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن
كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً"
الأحزاب21
اقتداء به في القتال والثبات في مواطنه " لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ " يخافه
"وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" أي علينا التسبيح
الدائم الذي يعين على المجاهدة ليس شرط فقط في القتال فإن مجاهد النفس أشد
وأعنف فمن هنا نتعلم أن الله تبارك وتعالى يدخلنا فى محبته وولايته ونصرته
ومعونته والقرآن الكريم حدثنا عن من الذين يحبهم الله ويودهم تحدث عن
[المحسنين ، التوابين ، المتقين ، الصابرين، المتوكلين ، المقسطين ]
الله يحب المحسنين:-
1- " وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"البقرة195
إن الله تعالى يحب من عباده أن يكونوا على خـُلقه ، فكما أن الله أحسن كل
شئ خلقه يريد من عباده أن يتخلقوا بأخلاق الله والإحسان كما علمنا سيدنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله "أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم
تكن تراه فإنه يراك "
فالإحسان في كل شئ هو إتقانه- إتقانه إتقاناً
وفى الإنفاق لن نحسن في الإنفاق إلا إذا أحسنّا في الكدح الذي يأتي بثمرة
ما ننفق لأن الكدح ثمرته مال ، ولا إنفاق إلا بمال ، فتخرج من عائد كدحك
لتصرفه في المناسب من الأمور
المواصفات التي يجب أن يتصف بها المحسنين
علمنا ربنا تبارك وتعالي في كتابه الكريم أن نتعرف عليهم فى قوله تعالى:-
"الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ
الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
"آل عمران 134 وقوله تعالى:- " آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ
كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا
يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ
حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"الذاريات16-19
أن يكونوا من:
1- المنفقين فى السراء والضراء أى الإنفاق فى طاعة الله
2- والكاظمين الغيظ عند المقدرة
3- والعافين ممن ظلمهم
4- والمقيمين الليل
5- والمستغفرين بالأسحار
6- وفى أموالهم حق معلوم [الزكاة فلها شروط لأنها فرض] وللمحروم حق غير
معلوم [الصدقة تكون فى أى وقت أى غير مشروطة بوقت ولا بنسبة من المال مثل
الزكاة]
الله يحب التوابين:-
أن الإنسان
حين يذنب ذنباً ينفلت من قضية الإيمان ولو لم تشرع التوبة والعفو من الله
تعالى لزاد الناس فى معاصيهم وغرقوا فيها لأنه إذا لم تكن هناك توبة وكان
الذنب الواحد يؤدى إلى النار ، والعقاب سينال الإنسان فإنه يتمادى فى
المعصية وهذا ما لا يريده رب العالمين لعباده وعلى الإنسان لكى يدخل فى
الطاعات بسكينة وطمأنينة فعليه أن يُخلى قلبه من كل الآفات والمعاصى ثم
يُحليه بالطاعات فهذه نظرية التخلية قبل التحلية [أى لا ينبغى وضع اللبن فى
إناء غير نظيف لعدم فساد اللبن ] كذلك القلب يُطهر ويُنقى ثم يتذوق حلاوة
الإيمان وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:-
[لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله أرض فلاة]
وفى قوله تبارك وتعالى إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ"البقرة 222(إن الله يحب) أى يثيب ويكرم (التوابين) من
الذنوب (ويحب المتطهرين) من الأقذار
الله يحب المتقين:-
فإن التقوى محلها القلب فى قوله تبارك تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ
أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ
اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ
عَظِيمٌ"الحجرات3أى يثيبهم بالأجر العظيم بعد أن يغفر لهم
وقوله تعالى:-
"بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ
الْمُتَّقِينَ"آل عمران76 فليس المعنى هنا أن من أوفى بعهده الإيماني واتقى
الله
فالمعنى هنا أن الحب لا يرجع إلى الذات بل يرجع إلى العمل
الصالح بالنية الخالصة لله تعالى وليس للذات أى قيمة فالمتقون هم الذين
يجعلون بينهم وبين الله تعالى أى شئ يُغضب الله تعالى وقاية وآمرنا الله
تعالى فى القرآن الكريم فى صيغة آمر [فاتقوا] جاءت فى (17) موضع
مرة واحدة مرتبطة بالنار " فاتقوا النار"البقرة 24 أى اجعلوا بينكم وبين النار وقاية حتى لا تمسكم
و(16) موضع مرتبطة بالله تعالى أى اجعلوا بينكم وبين صفات الجبروت لله
وقاية أى حتى لا يصيبكم عذابه فصفات الجلال لله منه المنتقم والجبار
والقهار وله صفات الجمال مثل الرحيم والوهاب والرزاق والفتاح فالإنسان عليه
أن يتقى صفات الجلال فى الله بأن يتبع منهجه ويطيعه فى كل أمر به لينال من
فيض صفات الجمال.
وارتبطت التقوى والطاعة بالله جل فى علاه أى
أن الله تعالى أمرنا بالتقوى والطاعة معاً لننال من فضله وكرمه وفيضه
الكثير والكثير كما ذكرنا أن التقوى مرتبطة بالعمل الصالح وذلك فى (10)
مواضع فى قوله تعالى:- " فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ" آل عمران50 أى
فيما آمركم به من توحيد الله وطاعته
الله يحب الصابرين :
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَع الصَّابِرِينَ"البقرة153
فالصبر هو منع النفس من الجزع فالصبر هو الذى يعينك على أن تفعل ما أمرك
الله تعالى به ولا تفعل ما نهاك الله عز وجل عنه والصبر يجعلنا دائماً فى
معية الله تبارك وتعالى فإن الصبر يقتضى أن تصبر على تنفيذ أمر الله فى فعل
الطاعات وعلى تحمل الألم منه فى ترك المعاصى وإن كان ذلك يمنعك عن لذة
شهوة تحبها فإنك تصبر عن تلك الشهوة التى تلح عليك فمجاهدة المؤمن أن يصبر
عن الشهوات التى نهى الله عنها وكأن الحق سبحانه وتعالى يقول :إننى
خلقـتـُك ، وأعلم منازعة نفسك إلى الشهوة لأنك تحبها فاصبر عنها - فثمرة
الصبر النجاح والفلاح والنصرة كما فى قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"آل عمران200
أى اصبروا على الطاعات والمصائب
وعن المعاصي (وَصَابِرُواْ) الكفار فلا يكونوا أشد صبرا منكم
(وَرَابِطُواْ) أقيموا على الجهاد (وَاتَّقُواْ اللّهَ) في جميع أحوالكم
(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) تفوزون بالجنة وتنجون من النار
الله يحب المتوكلين :
فالتوكل يقتضى إظهار عجز ، فمعنى أنى أتوكل على الله تعالى استنفدت أسبابى
ولذلك أرجع إلى من عنده قدرة وليس عنده عجز ، وهذا هو التوكل المطلق ،
فالتوكل معناه تسليمك زمام أمورك إلى الله تعالى ، ثقة بحسن تدبيره أن
أعطاك الأسباب فلا ترد يد الله الممدودة بالأسباب والذى لا يتوكل على الله
تعالى فعليه أن يُراجع إيمانه
وفى قوله تعالى:
" إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الأنفال 2
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ)
الكاملون الإيمان (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ) أي وعيده (وَجِلَتْ)
خافت (قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ
إِيمَانًا) تصديقاً (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) به يثـقون لا بغيره
الله يحب المقسطين:
فالمقسط هو العادل
والقاسط هو الظالم فمن الطبيعى أن الله تبارك وتعالى يحب الذين يزيلون
الجور، وما دام الحكم بالعدل يأتى ليزيل الجور ، فكأنه كان من قبل جوراً
مقنناً ، إذن فأقسط أى أزال جوراً مقنناً سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ
أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ
عَنْهُمْ "وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"المائدة 42
أى أن الله تعالى يحب الذين رأوا ظلماً أزالوه ، وأحلوا محله العدل
قال العلماء : إذا عَلم المجتمع أن عدلاً يحرس حقوق الناس عند الناس فلن
يُجرئ ذلك ظالماً على أن يظلم بعد ذلك ، فيقول الظالم : فلان ظلم ولم
يُحاكم ، فيغرى ذلك الظالم أن يزيد فى ظلمه ، لكن ساعة يرى الناس أحداً
يأخذ حق غيره ، ثم جاء الحاكم فردعه ، ورد الحق لصاحبه فلن يظلم أحداً
أحداً.
اللهم نسألك حبك وحب من يحبك وحب عملاً صالحاً يقربنا إلى حبك [