] مـن عـظيـم جـزاء الـذكـر
إن
الله جلت قدرته قد أمر في كثير من آيات القرآن ولذا أمر النبي في كثير من
أحاديثه بالذكر وجعل الله للذاكرين عظيم الفضل على أن لبوا نداءه سبحانه
وتعالى وأمضوا جلَّ وقتهم ولسانهم رطب بذكر الله ولعظمة هذا الجزاء الذي
أعده الله لعباده الذاكرين فإنه يصعب بل قد يستحيل حصره ولكنا بفضل الله
ورسوله نتعرض بالإيضاح لبعض هذا الفصل.
اذا ذكرت الله ذكرك الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله {ولذكر الله أكبر} قال: ولذكر الله لعباده إذا ذكروه أكبر من ذكرهم
اياه،ومن جزيل فضل الله على الذاكرين أن جعل جزاءهم أن يذكرهم الله في
الملأ الأعلى قوله (وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم) قال الإمام بن
حجر العسقلاني عند شرحه للحديث: قال بعض أهل العلم يستفاد منه أن الذكر
الخفي أفضل من الذكر الجهري والتقدير إن ذكرني في نفسه ذكرته بثواب لا أطلع
عليه أحدا وإن ذكرني جهرا ذكرته بثواب أطلع عليه الملأ الأعلى. فتح الباري
للعسقلاني.
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه
والبيهقي عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال: لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم
الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده.
وبهذا
الذكر تطمئن قلوب الذاكرين بذكر الله تعالى لهم الآية {فاذكروني أذكركم
واشكروا لي ولا تكفرون} (البقرة 152)، وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي
والنسائي وابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال: (قال رسول
الله يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في
نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى
شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني
يمشي أتيته هرولة)، وأخرج أحمد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس أن رسول
الله قال: (قال الله عز وجل: يا ابن آدم إذا ذكرتني في نفسك ذكرتك في
نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة. أو قال: في ملأ خير
منهم، وإن دنوت مني شبرا دنوت منك باعا، وإن أتيتني تمشي أتيتك بهرولة)،
وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
الله عز وجل ذكره: لا يذكرني أحد في نفسه إلا ذكرته في ملأ من ملائكتي،
ولا يذكرني في ملأ إلا ذكرته في الرفيق الأعلى، وأخرج ابن أبي الدنيا في
الذكر والبزار والبيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال
الله: يا ابن آدم إذا ذكرتني خاليا ذكرتك خاليا، وإذا ذكرتني في ملأ ذكرتك
في ملأ خير من الذين تذكرني فيهم وأكثر).
ذكر الله أعظم أنواع الشكر
أخرج الطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أبي هرير عن النبي (يقول الله يا
ابن آدم إنك إذا ماذكرتني شكرتني، وإذا ما نسيتني كفرتني)،أخرج ابن أبي
الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن زيد بن أسلم. أن موسى
عليه السلام قال: يا رب أخبرني كيف أشكرك؟ قال تذكرني ولا تنساني، فإن
ذكرتني شكرتني، وإذا نسيتني فقد كفرتني.ذكرك الله يدخلك فى ظل الله يوم
القيامه،وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: (سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عدل،
وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله،
اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف
الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل
ذكر الله خاليا ففاضت عيناه).
قال امام المتقين سيدنا على رضى
الله عنه أن الله تعالى جعل الذكر جلاء للقلوب تسمع به بعد الوثره الصمم
وتبصر به بعد العشوة وتنقاد به بعد المعاناه.