| تاريخ المساهمة 29.10.11 23:21 | |
الحياء من الإيمان
أخبرنا الشيخ صالح الثقة أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، قال: أنبأنا أبو عبدالله مالك بن أحمد بن علي المالكي، قال: أنبأنا أبو الحسن أحمد ابن محمد بن موسىالقرشي، قال: أنبأنا أبو إسحق إبراهيم بن عبدالصمد الهاشمي، قال: أنبأنا أبومصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن مالك، عن ابن شهاب الزهري، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلىالله عليه وسلم مر على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحياء من الإيمان" والحياء الذي يشمل الوجه من الناس، أنموذج عن الحياءالذي يشمل القلب من الله تعالى، والحياء الشامل للوجه وللقلب، هو من الإيمان بالله وهو طَوْرُ العارفين بالله سبحانه وتعالى، الذي جعل قلوبهم عَيْبَةَ أسراره، وكذلك فإنقلوب العارفين خزائنُ الله في أرضه، وضع فيها ودائع سره، ولطائف حكمته، ودقائق محبته، وأنوار علمه، وإمامةَ معرفته، فكلامهم هو الكشف عما يشاهد القلب، وإظهار علوم السر،وبيان معاملة الضمير، من تميّز الانفصال عن الاتصال، وبيان الأسباب الشاغلة عن الحق، من الأسباب الداعية إلى الحق، أما الداعي إلى الخلق فالدنيا والنفس والخلق، وأماالداعي إلى الحق فالعقل واليقين والمعرفة، كما ورد: "مَنْ عرف نفسه عرف ربه" يعني من عرف ما لنفسه، عرف ما لربه،
وكلامهم يدور على خمسة أوجه،
به . وله . ومنه . وإليه . وعليه
وليس في كلامهم
أنا . وإني . ونحن . ولي . وبي
لأن ألفاظهم فردانية، وحركاتهم صمدانية، وأخلاقهم ربانية، وإرادتهم وحدانية، لا يعرف إشارتهم إلا مَنْ له قلب حريق، فيه خزائن الأسرار، وجواهر القدس، وسُرادِقاتالأنوار، وبحار الوداد، ومفاتيح الغيب، وأودية الشوق، ورياض الأنس، فكلما أبرز العارف لسان الحكمة من ينبوع المعرفة بإشارات استأنس بها قلوب المريدين والمشتاقين. قال يحيى بن معاذ: القلوب كالقدور، ومغارفها الألسن، فكل لسانٍ يغرف لك ما في قلبه.
وقيل لأبي بكر الواسطي ما تقول في كلام أهل المعرفة؟ فقال: إن مَثَلَ المعرفة، كمثل سراج في قنديل، والقنديل معلق في بيت، فما دام السراج في البيت، يكون البيت مضيئاً،وربما يفتح الباب فيقع ضوء السراج خارج البيت ويضيء.كلام أهل المعرفة يقع ضياؤه على قلوب أهل النور فتصير أعينهم دامعة، وألسنتهم ذاكرة. يقول الله تعالى: (وإذا سمعوا ماأنزل إلى الرسول)(2)، الآية، مثل نفس العارف كمثل البيت، ومثل قلبه كمثل القنديل، دُهْنُهُ من اليقين، وماؤه من الصدق، وفتيله من الإخلاص، والزجاجة من الصفاء والرضاء،وعلائقه من العقل، فالخوف نار في نور، والرجاء نور في نار، والمعرفة نور في نور، فالقنديل معلق بباب الكُوَّة، إذا فتح العارف فاهُ بالحكمة التي في قلبه، هاج في كُوَّةِفمه نورٌ من الأنوار التي في قلبه، فيقع ضياؤه على قلوب أهل النور، فيتعلق النور بالنور، وإنَّ بعض القول أشدُّ ضوءاً من النهار، وبعضها أشدّ ظلمةً من الليل، وكلام أهلالمعرفة كنزٌ من كنوز الرب سبحانه، معادنه قلوبُ أهل المعرفة، أمرهم الله تعالى بالإنفاق منه على أهله في قوله تعالى: (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهمبالتي هي أحسن)(1). قيل لبعض العارفين: أي شيء أضوأ من الشمس؟ قال: المعرفة، قيل: أي شيء أنفع من الماء؟ قال: كلام أهل المعرفة، قيل: وأي شيء أطيب من المسك؟ قال: وقت العارف، قيل: وما حِرفةُالعارف؟ قال: النظرُ إلى صُنع الرُّبوبية، وأعلام لطائف القُدرة. قيل لأبي سعيد البلخي(2): لِمَ كان كلام السلف أنفعَ من كلام الخلف؟ قال: لأن مرادهم كان عِزَّ الإسلام، ونجاة النفوس، والشفقةَ على الإخوان، ورضا الرحمن، ومرادُنا عِزُّالنفس، وثناء الناس، وطلبُ التنعُّم في الدنيا، فالعبد إذا أطاع ربه، رزقه نهلةً من عين المعرفة، وأنطق بها لسانه، وإذا ترك طاعته لم يسلبها، ولكن أبقاها في قلبه، ولميُنطق بها لسانه، ليكون ذلك حسرةً عليه، وابتلاه بأنواع المِحَن، وما مِن مؤمنَين يلتقيان فيذكران الله إلا ويزيد الله تعالى في قلوبهما نورَ المعرفة، قبل أن يتفرقا،وإن الله تعالى أطْلعَ أهلَ المعرفة على تلاطم أمواج بحار خواطر القلوب، وأشرفهم على خزائن الأسرار، وبواطن العلوم التي لا يُحصى عددها، ولا ينقطع مددها، ولا يُدرَكُقعرها، ولا تُفنى عجائبها، حتى يغوصوا بنور المعرفة في قَعْرِ بواطن إشاراتها المكنونة في معانيها المخزونة، فيستخرجوا عجائبَ فوائد، ولطائفَ زوائد، وحقائقَ إشارات، تحترق منها قلوبُ المحبين، وتستأنس بها أرواحالمريدين، وهي نورٌ من أنوار الهداية، يهتدي به العبد إلى طريق حسن الرعاية، إذا أدركه من الحق التوفيق والعناية. قال يحيى بن معاذ: لقيتُ الحكماء فوجدت أكثرهم مفاليسَ، يفتحون من كيس غيرهم، وكان للّيث المصري(1) أخ، وكان بالإسكندرية، فلما قدم إليه قال: إني كنت مقبلاً على ربي، قال:فأين فوائدُ إقبالك على ربك؟ فسكت، فقال الليث: العبد إذا أقبل على الله بصدق الوفاء، يمده الله بفوائد لم تخطر على قلب بشر. وكان يحيى بن معاذ يتكلم ذات يوم، فصاح رجل في مجلسه، ومزَّق ثوبه، فقيل له: ما تقول فيه؟ قال كلام أهل المعرفة كلما نبع من عين سر الوحدانية، قرع قلب المحترق بنيران الشوقوالمحبة، فتلاشت عن صاحبه صفات الإنسانية، كلام المتقين بمنزلة الوحي، وجرت كلمة على لسان بعضهم، فقيل له: مَن حَدَّثك بهذا؟ قال: حدَّثني قلبي عن فكري عن سِرِّي عن ربي،فإسنادُ الحكمة وجودُها، وهي ضالّة المريد، حيثما وجدها أخذها، فلا يُبالي من أي وعاء خرجت، وبأي لسان نَطَقَت، ومن أي قلب نُقِلَت، أو على أي حائط كُتِبت، أو مِن أي كافرسُمِعَت. وقد ورد "مَن أراد أن يؤتيه الله علماً من غير تعلم، وهُدى من غير هداية، فليزهد في الدنيا"(2)، وإن للحكمة أهلاً وزماناً، وقد مضي زمنها، والأكثرون مِن
أهلها، وليس علينا إلا أثر المصيبة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، اطلبوا مصابيحَ كلام العارفين قبل وفاتهم، نعمة اعرفوا شرفها، وكمال فضلها، وإنما اختار لقمانُ الحكمةلشرفها، هي برهان الصِدَّيقين، ونزهة المتقين، وفردوس العارفين، وميراث النبيين والمرسلين فاطلبوها قبل ذهابها:
مصابيحُ الأنامِ بكلِّ أرضٍ ...... هُمُ العلماءُ أبناءُ الكِرامِ تلألأ عِلمُهُم في كلِّ وادٍ ......كنورِ البدرِ لاح بلا غَمامِ
كلام رائع وجميل هاهم اسيادنا
|
|
| |
| تاريخ المساهمة 01.11.11 19:28 | |
موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم
=================
|
|
| تاريخ المساهمة 01.11.11 19:29 | |
موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم
=================
|
|
| تاريخ المساهمة 17.11.11 23:35 | |
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مصابيحُ الأنامِ بكلِّ أرضٍ ...... هُمُ العلماءُ أبناءُ الكِرامِ تلألأ عِلمُهُم في كلِّ وادٍ ......كنورِ البدرِ لاح بلا غَمامِ
|
|
| |