العمارة البيزنطية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]واجهة بازليكا سان مارك بإيطاليا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]منظور داخلي لكنيسة سانت إيريني
العمارة البيزنطية هي عبارة عن الفن المعمارى فى عصر فجر المسيحيه حسبما أخذ مجال تطوره في "القسطنطينيه" و في الامبراطوريه الشرقيه ككل بعد تحول العاصمه الرومانيه الي القسطنطينيه عام 324م؛ و لقد كانت اغراضه متشابهه تماما لأغراض العمارة الرومانية في فجر المسيحيه و لقد اتخذت الامبراطوريه الغربيه نظام المباني البازيليكيه فى بناء الكنائس.اما الأمبراطوريه الشرقيه اتخذت نظام القباب الذي هو نتاج للتـأثير الشرقي حيث أن القبه كانت هي المستعمله فى التسقيف في العصور المتقدمه عند الفرس و غيرهم من ممالك الشرق. و يقع في القسطنطينيه اليوم أروع ما نتجت عنه هذه الحقبة و هو متحف (كنيسة تحولت إلى مسجد ثم متحف حاليا) آيا صوفيا.
مواد البناء المنتشرة في هذا العصر
حذا البنائون البيزنطيون حذو الرومان فى طرق الانشاء و استخدام مواد البناء, اي انهم استعملوا الطوب و الخرسانه في الحوائط و الأقبيه و غيرها و حتى الفخار فلقد استعملوه في القباب و ذلك لخفته . اما الطوب فكان يستعمل لدرجه محدده اذ لم يكن استعماله بمثل الكثره التي كان يستعمل بها في ايطاليا. وكان الطوب يستعمل غالبا فى بناء الحوائط الخارجيه من مداميك على هيئة رباط لغرض زخرفى وليحل محل الحليات التى لم يكن لها وجود الا قليل وكان الطوب المستعمل كنظيره من الطوب الروماني تماما "أى من قطع كبيره رفيعة"وكان يبنى باستعمال المونة ولحاماتها متسعة.
ملامح المساقط الأفقية و التصميم الداخلي
ولقد كانت القباب و ما أدخل عليها من ابتكارات فى أوضاعها وطرق انشائها هى أهم ما يميز عمارة ذلك العصر ،وخاصة استعمال المقرنصات pendentives لحمل تلك القباب على الصالات المربعة تحتها وذات الشبابيك الصغيره فى محيطها أو محيط ذلك الجزء الاسطوانى . وعلى أثر ذلك تطور المسقط الأفقى للكنائس فى ذلك العصر بما يتمشى مع استعمال القباب،فأصبح المسقط عبارة عن صحن مربع كبير فوقه القبه الرئيسيه ،و له أذرع أربعة تكون معه شكل صليب ،و سقف كل من هذه الأذرع على شكل قبو أو نصف قبة ،أما الأركان الاربعة المحصورة بين الصحن وتلك الاذرع فكانت أسقفها اما قباب صغيرة أو مصابات "grointed vaults". وقد اشتهر المهندسون فى ذلك العصر بالابداع والتفوق فى التكوين المعمارى لهذه القباب مع بعضها من كبيرة وصغيرة ونصف قباب،مما جعلها فريدةمن نوعها على مر الزمن . وأهم ما يلاحظ أيضاأن أبراج الأجراس للكنائس لم تظهر فى هذه المنشئات فى ذلك العصر. أما من حبث الوجهات الخارجيه لتلك الكنائس ،فقد كانت بسيطة قوية معبرة ،ذات صف واحد أوأكثر من الشبابيك الصغيرة لإنارة الأجنحة الصغيرة حول الصحن الكبير و الشرفات الداخلية أعلاها والتى أخذ إستعمالها فى الإنتشار.وأما من حيث التفاصيل المعمارية الداخلية فكانت أقرب ما تكون لتفاصيل العمارة الرومانية ،وأساسها الطراز الأيونى والطرازين الكورنثى والمركب،وذلك بعد إدخال عدة تعديلات على هذا الطراز بما يتناسب والطراز الجديد .وأهم هذه الإبتكارات و المستحدثات فى هذا الشأن ، هو ما ظهر من إنبعاج تيجانها إلى الخارج،ووضع جلسة مربعة أعلا هذه التيجان مباشرة ،وذلك لتحسين حمل العقد الذى يبتدىء من هذا المنسوب مباشرة وبدون إستعمال التكنة الرومانية المعتادة ، وكذا إستدارة سوك هذه العقود لإستمرار عمل الموزابيك على بطنياتها ،كالتى يتم عملها على الحوائط الرأسية تماما .
العوامل الطبيعيه التي اثرت علي الطراز البيزنطي
من الناحيه الجغرافيه
كانت العاصمة هي بيزنطيه و سميت بعد ذلك بالقسطنطينيه او اسطنبول و كانت أحيانا تسمى روما الجديده حيث كانت القسطنطينيه عاصمه الامبراطوريه الرومانيه عام 330م،ونجد أن بيزنطه تقع علي سبع هضاب و كانت أيضا تقع علي ملتقى طريقين رئيسيين للتجاره :و هما "الطريق المائي و هو طريق البحر الأسود و البحر الأبيض المتوسط"و"الطريق التجاري الواصل بين اوروبا واسيا" و لذلك تحكمت بيزنطه في التجاره.و على ذلك نرى ان الفن البيزنطي غزا الامبراطوريه الرومانيه الشرقيه ، و حمله التجار الي اليونان و أسيا الصغري و روسيا و شمال أفريقيا حتى المناطق الواقعه غرب البحر الأبيض المتوسط مثل فينسيا و رافينا و غيرها و كان لهذ الفن البيزنطي تأثير كبير على العماره في هذه المناطق المختلفه حيث لعب الموقع الجغرافي دورا هاما في هذا الشأن.
من الناحيه الجيولوجيه
الحجر ،كماده أساسيه من مواد البناء،لم يكن موجود في هذه المنطقه مثل الطمي الذي استعمل في عمل الطوب أو الزلط في الخرسانه و على ذلك فكان لابد من استيراد تلك المواد الهامه المطلوبه لإقامه المباني التذكاريه على وجه الخصوص فكان يستورد الرخام مثلا من المحاجر التي تقع في منطقه حوض البحر الأبيض المتوسط الشرقيه بالنسبه إلى القسطنطينيه،و لذلك نجد أن العماره البيزنطيه تأثرت كثيرا بتلك الأحجار الضخمه التي كانت تبنى بها المباني التذكاريه و التي كانت تستخرج من تلك البلاد.
من الناحية المناخية
لم يغفل الرومان ظروف عوامل بلادهم الجوية ،تلك البلاد الشرقية ذات الجو الحار نسبيا القليل الامطار إلى أوربا ،وعلى ذلك ظهرت تلك العوامل واضحة على مبانيهم وفي فنونهم متأثرة بالنسبة لهذه الظروف المناخية ،و من ثم إبتكرت طرق معماريه و طرز خاصة وتأثرت بها مبانيهم .فمثلا نجد الاسطح المستوية مشتركة معا مع القباب ذات الطابق الشرقى الأصيل ،والفتحات الصغيرة الضيقة للشبابيك المرتفعة نسبيا عن منسوب الأرضية ،وتلك الحوائط الغير منكسرة ،والعقود المتكررة التى تحيط بالأفنية الداخلية ،كل هذه العوامل كونت الخواص المعمارية لهذا الطراز البيزنطى .والتى تعتبر من أهم الصفات والمعالم المميزة للعمارة البيزنطية.
من الناحية الدينية
ثبتت القسطنطينية دعائم المسيحية واعتبرت الدين المسيحى هو الدين الرسمى للامبراطورية الرومانية عام 323م.وعلى ذلك كان الطراز البيزنطى فى العمارة هو التعبير الرسمى للابنيةالعامة والكنائس والأديرة ولكن سرعان ما دب الخلاف بين المسؤولين فى الكنيسة ،وخاصة حينما بدأ يظهر ذلك الانقسام السياسى بين الشرق والغرب فى الإمبراطورية الرومانية .وكانت الكنيسة الغربية تزعم أن "الروح تتقدم وتنبع من الأب والإبن" بينما الكنيسة فى الشرق تقول "أن الروح تتقدم وتسير مع الأب فقط" (هذا تبعا لعقائد المسيحية الموجودة) ونشأ عن هذه الخلافات المذهبية أن غادر البلاد بعض الفنانين والمهندسين الأغريق،ورحلوا إلى إيطاليا ليزاولو أعمالهم وفنهم المتحرر،ولهذا السبب نجد أن العمارة البيزنطية فى الشرق خالية من التماثيل المعبرة واللوحات الزيتية عكس الطراز البيزنطى فى الغرب الذى تميز بهذه العناصر المعبرة من تماثيل و لوحات زيتية ذات الألوان الزاهية الجميلة.
من الناحيتين الإجتماعية و التاريخية
تعتبر بيزنطية من الناحية الاجتماعية مقرالحكم السياسى والدينى و العسكرى عام 234م،نظرا لموقعها المتوسط بالنسبة للامبراطورية الرومانية ،ولكن نظرا لأن أهل هذه المدينة فى ذلك الحين كانوا محدودى الذكاء ،مشهورين بالكسل و الشراسة ،فكان لهذاالتغيير،وهو إنتقال العاصمة و الحكم إلى القسطنطينية،أثر فعال وسريع فى تدهور الإمبراطورية الرومانية.كانت بيزنطية مدينة إغريقية قديمة ،وعلى ذلك فالمبانى الحكومية التى أنشئت فى ذلك الوقت قام ببنائها حرفيين أغارقة متأثرين بالروح والتقاليد الرومانية .ولذلك نجد أن القسطنطينية نفسها أنشئت غلى اسس و خطوط رومانية كلما سمحت المناطق الجبلية بذلك .فأنشت الفورم forum حول الشارع الرئيسى ،وأنشئت كنيسة آيا صوفيا والقصر الامبراطوري ومجلس العلوم ودار القضاء وساحة العرض الكبرى والإحتفالات العامة و الإستعراضات ،حيث كانت الساحة تخصص أيضا لمحاكمة وإعدام المجرمين .كما إهتم الرومان إهتمام بالغا بمجارى المياه و الحمامات ووسائل تخزين المياه ،إما تحت سطح الارض فى مخازن خاصة أو فى خزانات مرفوعة على عمد .وبمرور الايام إتسعت المدينة و زاد عدد السكان ،وانشئ الحائط العظيم ببوابته و أبراجه المشهورة الذى بناه تيودور الثانى عام413م لحماية المدينة .ولكن خلف قسطنطين "الرجل القوى"أباطرة ضعفاء وإنقسمت الإمبراطورية ،إلى عدة إقسام ،بعد ذلك حكم جستنتيان البلادعام527-565م ،راعى الفن و العمارة ،والذى فى عهده إستمر فى إنشاء كنيسة إيا صوفيا وكنائس أخرى مختلفة فى المدينة وفى سوريا و فلسطين .وبعد ذلك دب الفساد فى البلاد و انتهى الحكم الرومانى حينما سقطت المدينة فى يد الأتراك العثمانيين عام1453م على يد السلطان محمد الفاتح.