السلآآم عليكم ورحمة الله وبركــآآته
***
من خشع قلبه لذكر الله.. لم يقرب منه الشيطان .
فصل منزلة الخشوع
ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الخشوع
قال الله تعالى:
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق
قال ابن مسعود رضي الله عنه :
ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين ،
وقال ابن عباس :
إن الله استبطأ قلوب المؤمنين ، فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن
وقال تعالى :
قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون .
والخشوع ...
في أصل اللغة الانخفاض ، والذل ، والسكون ،
قال تعالى :
وخشعت الأصوات للرحمن أي سكنت ، وذلت ، وخضعت ، ومنه وصف الأرض بالخشوع ،
وهو يبسها ، وانخفاضهـا ،
وعدم ارتفاعها بالري والنبات ، قال تعالى ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها
الماء اهتزت وربت .
والخشوع :
قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل ، والجمعية عليه
وقيل :
الخشوع الانقياد للحق ، وهذا من موجبات الخشوع .
فمن علاماته أن العبد إذا خولف ورد عليه بالحق استقبل ذلك بالقبول والانقياد .
وقيل :
الخشوع خمود نيران الشهوة ، وسكون دخان الصدور ، وإشراق نور التعظيم في القلب .
ص: 517
وقال الجنيد :
الخشوع تذلل القلوب لعلام الغيوب .
وأجمع العارفون على أن الخشوع محله القلب ، وثمرته على الجوارح ، وهي تظهره ، ورأى
النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته في الصلاة ،
فـ قال :
لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ثلاث مرات
وقال بعض العارفين :
حسن أدب الظاهر عنوان أدب الباطن ، ورأى بعضهم رجلا خاشع المنكبين والبدن ،
فقال :
يا فلان ، الخشوع هاهنا ، وأشار إلى صدره ، لا هاهنا ، وأشار إلى منكبيه .
وكان...
بعض الصحابة رضي الله عنهم وهو حذيفة ،
يقول :
إياكم وخشوع النفاق ،
فـ قيل له :
وما خشوع النفاق ؟
قال :
أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع ،
ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا طأطأ رقبته في الصلاة ،
فـ قال :
يا صاحب الرقبة ، ارفع رقبتك ، ليس الخشوع في الرقاب ، إنما الخشوع في القلوب ،
ورأت عائشة رضي الله عنها شبابا يمشون ويتمارون في مشيتهم ،
فـ قالت لأصحابها :
من هؤلاء ؟
فـ قالوا :
نساك ،
فـ قالت :
كان عمر بن الخطاب إذا مشى أسرع ، وإذا قال أسمع ، وإذا ضرب أوجع ، وإذا أطعم
أشبع ، وكان هو الناسك حقا ،
وقال الفضيل بن عياض :
كان يكره أن يري الرجل من الخشوع أكثر مما في قلبه ،
وقال حذيفة رضي الله عنه :
أول ما تفقدون من دينكم الخشوع ، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة ، ورب مصل
لا خير فيه ، ويوشك أن تدخل مسجد الجماعة فلا ترى فيهم خاشعا ،
وقال سهل :
من خشع قلبه لم يقرب منه الشيطان .