من حق الله تعالى على عباده الإيمان به سبحانه :
قال تعالى : ] ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيين ] ( البقرة177 ) ،
وقال تعالى : d]آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ] ( البقرة 285 ) ،
وقال تعالى : d]ياأيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله ] ( النساء 136 ) ،
وفي حديث جبريل عليه السلام ، لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن الإيمان قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ) { مسلم } ،
فيدخل في الإيمان بالله ، الإيمان بما أخبر الله به عن نفسه من أسمائه وصفاته ، أو أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أسماء الله وصفاته ، ويدخل في ذلك أنه رب العالمين ، وأنه الخلاق الرزاق ، وأنه كامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، ويدخل فيه أنه سبحانه أرسل الرسل وأنزل الكتب وقدر الأشياء وعلم بها قبل وجودها سبحانه وتعالى ، وانه لا ند له ، ولا مثيل له ولا شبيه ، وأنه على كل شئ قدير ، وأنه بكل شئ عليم ،
قال تعالى : d]قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد ] ( الإخلاص ) ،
وقال تعالى : d]ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ] ( الشورى11 ) ،
وقال عزوجل : d]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ] ( النحل74 ) ،
وقال تعالى : d]هل تعلم له سمياً ] ( مريم65 ) ،
وغير ذلك من الآيات الدالة على كماله سبحانه ، وأنه موصوف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص والعيب ، فهو كما أخبر عن نفسه وأخبر عنه نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم له الأسماء الحسنى وله الصفات العلا .
فالواجب على المؤمن أن يؤمن بأسماء الله تعالى كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تكييف ، ومن ذلك : الاستواء ، والوجه ، واليد ، والرحمة ، والغضب ، والنزول ، والعلم ، والإرادة ، وغير ذلك من صفات الله عزوجل فتثبت له كما جاءت في الكتاب والسنة ، فنثبتها كما أثبتها أهل السنة والجماعة ، كما قال السلف رحمهم الله تعالى في الاستواء : ( الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ) . وهكذا في كل صفات الخالق جل وعلا ، فهو سبحانه لا يُشابهه أحدٌ من خلقه في شئ من صفاته .
وكذلك الإقرار له سبحانه بأنه الخلاق الرزاق مدبر الأمور ومصرفها ، يعطي ويمنع ، يخفض ويرفع ، ويعز ويذل ، ويحيي ويميت ، وهو على كل شئ قدير ، والإيمان بأن الله هو الواحد الأحد الفرد الصمد ، لاشريك له في ملكه ، لا في السماء ولا في الأرض ، بل هو المستحق للعبادة سبحانه ،
قال تعالى : ] فاعبد الله مخلصاً له الدين * ألا لله الدين الخالص ] ( الزمر2،3 ) ،
فإنه لامعبود بحق إلا الله تعالى ، فالله جل وعلا هو الحق ، وقوله الحق ، وله دعوة الحق ، وعبادته هي الحق ، وما سواه باطل ، فلا يُستغاث إلا بالله ، ولا يُنذر إلا لله ، ولا يُتوكل إلا عليه ، ولا يُطلب الشفاء إلا منه ، ولا يُطاف إلا ببيته العتيق ، ولا يُذبح إلا له ، ولا يُدعى إلا هو سبحانه ، ولا يُحلف إلا به ، إلى غير ذلك من أنواع العبادة ،
قال تعالى : d]وإلهاكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ] ( البقرة 163 ) ،
وقال تعالى : ] إياك نعبد وإياك نستعين ] ( الفاتحة 5 ) ،
وقال تعالى : ] ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ] ( الحج 62 ) ،
وقال تعالى : d]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ] ( النساء 48 ) ،
وقال تعالى : d]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ] ( المائدة 72 ) .
وخلاصة ذلك أن الإيمان بالله جل وعلا يتضمن أربعة أمور :
1- الإيمان بوجود الله عز وجل وهذا الأمر قد دلت عليه الفطرة فما من مخلوق إلا قد فطر على الإيمان بالله ووجوده سبحانه ، ودل العقل على وجود الله سبحانه وتعالى .
2- الإيمان بربوبية الله عز وجل ، أي بأنه وحده هو الرب لا شريك له ، وهو الخالق للعالم المدبر المحيي المميت ، وهو الرزاق ذو القوة المتين ، ولا يوجد أحد ينكر ربوبية الله عز وجل إلا مكابر ومعاند ،
قال تعالى في فرعون : d]وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ] ( النمل 14 ) .
3- الإيمان بألوهيته سبحانه وتعالى ، وهو إفراد الله بالعبادة ، وأنه لا يستحق العبودية غيره سبحانه وتعالى .
4- الإيمان بأسمائه وصفاته ، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به سبحانه ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .
من كتاب : حق الله تعالى على عباده
ليحيى بن موسى الزهراني