" لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه " خالد
بن سعيد
هو خالد بن سعيد بن
العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، والده زعيم فيقريش ، كان شابا
هادىء السمت ، ذكي الصمت ، منذ بدأ أخبار الدين الجديد كانالنور يسري إلى
قلبه ، وكتم ما في نفسه خوفا من والده الذي لن يتوانى لحظة عنتقديمه قربانا
لآلهة عبد مناف
اسلامه
ذاتليلة رأى خالد بن سعيد في منامه أنه واقف على شفير
نار عظيمة ، وأبوه منورائه يدفعه
نحوها بكلتا يديه ، ويريد أن يطرحه فيها ، ثم رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبل عليه ، ويجذبه بيمينه
المباركة من إزاره فيأخذهبعيدا عن
النار واللهب ويصحو من نومه فيسارع إلى دار أبي بكر ويقص عليهرؤياه ، فيقول أبو بكر له إنه الخير أريد لك ،
وهذا رسول الله -صلى اللهعليه وسلم-
فاتبعه ، فإن الإسلام حاجزك عن النار ) وينطلق خالد إلىرسول الله فيسأله عن دعوته ، فيجيب الرسول الكريم
تؤمن بالله وحده لاتشرك به
شيئا ، وتؤمن بمحمد عبده ورسوله ، وتخلع عبادة الأوثان التي لاتسمع ولا تبصر ولاتضر ولا تنفع ) ويبسط خالد يمينه
فتتلقاها يمين رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- في حفاوة ويقول خالد إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله
) وهكذا أصبح من الخمسة الأوائل في الإسلام
والده والعذاب
وحينعلم والده (سعيد) بإسلامه دعاه وقال له أصحيح
إنك اتبعت محمدا وأنتتسمعه يعيب
آلهتنا ؟) قال خالد إنه والله لصادق ، ولقد آمنت به
واتبعته ) هنالك انهال عليه أبوه ضربا ، ثم زج به في غرفة
مظلمة من داره ، حيث صارحبيسها ، ثم
راح يضنيه ويرهقه جوعا وظمأ ، وخالد يصرخ من وراء البابوالله إنه
لصادق ، وإني به لمؤمن ) وأخرجه والده الى
رمضاء مكة ، ودسه بين
حجارتها الملتهبة ثلاثة أيام لا يواريه فيها ظل ، ولا يبلل شفتيهقطرة ماء ، ثم يئس والده فأعاده الى داره وراح
يغريه ويرهبه وخالد صامديقول لأبيه
لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه ) وصاح سعيدإذن فاذهب عني يا لُكَع ، فواللات لأمنعنك القوت )
فأجاب خالد والله خيرالرازقين ) وغادر خالد الدار ، وراح يقهر العذاب بالتضحية ،
ويتفوق علىالحرمان بالإيمان
جهاده معالرسول
كانخالد بن سعيد من المهاجرين الى الحبشة في الهجرة
الثانية ، وعاد مع إخوانهالى المدينة
سنة سبع فوجدوا المسلمين قد انتهوا للتو من فتح خيبر ، وأقام -رضي الله عنه- في المدينة لايتأخر عن أي غزوة
للرسول -صلى الله عليه وسلم- ويحضر جميع
المشاهد ، وقد جعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاتهواليا على اليمن
خلافةأبوبكر
لماوصل نبأ وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لخالد
في اليمن عاد من فوره الىالمدينة ،
وعلى الرغم من معرفته لفضل أبي بكر إلا أنه كان من الجماعة التيترى أحقية بني هاشم في الخلافة ووقف الى جانب علي
بن أبي طالب ولم يبايعأبا بكر ،
ولم يكرهه أبوبكر على ذلك ، وإنما بقي على حبه وتقديره له ، حتىجاء اليوم الذي غير فيه خالد رأيه فشق الصفوف في
المسجد وأبو بكر علىالمنبر ،
فبايعه بيعة صادقة
عزله عنالإمارة
يُسيرأبو بكر الجيوش للشام ، ويعقد ل( خالد بن سعيد ) لواء
، فيصير أحد أمراءالجيوش ،
إلا أن عمر بن الخطاب يعترض على ذلك ويلح على الخليفة حتى يغيرذلك ، ويبلغ النبأ خالدا فيقول والله ما سرتنا
ولايتكم ، ولا ساءناعزلكم )
ويخف الصديق -رضي الله عنه- الى دار خالد معتذرا له مفسرا له هذاالتغيير ، ويخيره مع من يكون من القادة : مع عمرو
بن العاص ابن عمه أو معشرحبيل بن
حسنة ، فيجيب خالد ابن عمي أحب الي في قرابته ، وشرحبيل أحبالي في دينه ) ثم يختار كتيبة
شرحبيل ، ودعا أبو بكر -رضي الله عنه- شرحبيل وقال
له انظر خالد بن سعيد ، فاعرف له من الحق عليك ، مثل ما كنتتحب أن يعرف من الحق لك ، لو كنت مكانه ، وكان
مكانك انك لتعرف مكانته فيالإسلام ،
وتعلم أن رسول الله توفى وهو له وال ، ولقد كنت ولّيته ثم رأيتغير ذلك ، وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه ، فما
أغبط أحدا بالإمارة وقدخيرته في
أمراء الأجناد فاختارك على ابن عمه ، فاذا نزل بك أمر تحتاج فيهالى رأي التقي الناصح ، فليكن أول من تبدأ به :
أبوعبيدة بن الجراح ومعاذبن جبل
ولْيَكُ خالد بن سعيد ثالثا ، فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا ، وإياكواستبداد الرأي دونهم ، أو إخفاءه عنهم )
استشهاده
وفيمعركة ( مرج الصُفَر ) حيث المعارك تدور بين
المسلمين والروم ، كان خالدبن سعيد في
مقدمة الذين وقع أجرهم على الله ، شهيد جليل ، ورآه المسلمون معالشهداء فقالوا اللهم ارض عن خالد بن سعيد )