يعتبر محمد علي بحق مؤسس مصر الحديثة لما قام به من اصلاحات شملت جميع
نواحي الحياة بما يتفق مع روح العصر الحديث ، فبدأ ببناء جيش مصر القوي
وأنشأ المدرسة الحربية ، وأنشأ صناعة السفن في بولاق والترسانة البحرية في
الاسكندرية وأصلح أحوال الزراعة والري وانشأ القناطر والسدود والترع ،
وأنشأ المصانع والمعامل لسد حاجة الجيش وبيع الفائض للأهالي ، وفي مجال
التجارة عمل محمد علي علي نشر الأمن لطرق التجارة الداخلية وقام بإنشاء
أسطول للتجارة في مصر ، ونشر التعليم لسد حاجة دواوين الحكومة فأنشأ
المدارس علي اختلاف مستوياتها وتخصصاتها وأرسل البعثات إلى أوروبا ونقل
العلوم الحديثة .
وحاول أبناء محمد علي ان يسلكوا مسلكه في محاولة اللحاق بالحضارة
الاوروبية فقد شهدت البلاد في عهد الخديوي اسماعيل باشا نهضة تمثلت في
الإصلاح الاداري كما شهدت الصناعة والزراعة نهضة وازدهاراً كبيراً في عهده
واهتم بالبناء والعمارة ، وأنشأ دار الأوبرا القديمة ، ومد خطوط السكك
الحديدية وفي عام 1869 افتتحت قناة السويس للملاحة الدولية .
وقد شهدت مصر عدة ثورات ضد التدخل الأجنبي حيث اشتدت الحركة الوطنية
فكانت ثورة عرابي 1882 التي انتهت باحتلال بريطانيا لمصر والتي أعلنت
الحماية علي مصر عام 1914 وانتهت تبعيتها الرسمية للدولة العثمانية .
دخلت مصر إلى القرن العشرين وهي مثقلة بأعباء الاستعمار البريطاني
بضغوطه لنهب ثرواتها ، وتصاعدت المقاومة الشعبية والحركة الوطنية ضد
الاحتلال بقيادة مصطفي كامل ومحمد فريد وظهر الشعور الوطني بقوة مع ثورة
1919 للمطالبة بالاستقلال وكان للزعيم الوطني سعد زغلول دور بارز فيها ، ثم
تم إلغاء الحماية البريطانية علي مصر في عام 1922 والاعتراف باستقلالها
وصدر أول دستور مصري عام 1923 .
ثورة 23 يوليو
قاد جمال عبد الناصر ثورة 23 يوليو 1952 والتي قامت بالعديد من الانجازات
من أهمها اصدار قانون الاصلاح الزراعي ، ووضعت أول خطة خمسية للتنمية
الاقتصادية والاجتماعية في تاريخ مصر 1960 وحققت أهدافها في تطوير الصناعة
والانتاج وتم انشاء السد العالي 1960 - 1970 ونهضت البلاد في مجال
التعليم والصحة والانشاء والتعمير والزراعة وفي مجال السياسة الخارجية عملت
ثورة يوليو علي تشجيع حركات التحرير من الاستعمار كما اتخذت سياسة الحياد
الايجابي مبدأ أساسياً في سياستها الخارجية .
وأدركت اسرائيل منذ نشأتها الدور القيادي لمصر في العالم العربي فقامت
في 5 يونيو 1967 بشن هجوم غادر علي مصر وسوريا والأردن واحتلت سيناء
والجولان والضفة الغربية للأردن .
واستطاع جيش مصر برغم فداحة الخسارة ان يعبر هذه المنحة في صموده أمام
القوات الاسرائيلية ودخوله حرب الاستنزاف ، وفي ذلك الوقت توفي قائد ثورة
يوليو الزعيم جمال عبد الناصر في سبتمبر 1970 .
وتولي الحكم الرئيس أنور السادات وبدأ سياسة اعداد الدولة لحرب التحرير
ووضعت كافة امكانات الدولة استعداداً للحرب حتى كان يوم السادس من أكتوبر
1973 ، قام الجيشان المصري والسوري في وقت واحد ببدء معركة تحرير الأرض
العربية من الاحتلال الاسرائيلي وعبوره قناة السويس وانتصر الجيش المصري
ورفعت أعلام مصر علي الضفة الشرقية لقناة السويس بعد ساعات من الهجوم .
وقد حققت القوات المصرية انتصاراً باهراً في حرب أكتوبر 1973 مما جعل
الرئيس أنور السادات يفكر في حل النزاع العربي الاسرائيلي حلاً جذرياً
وإقامة سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط فوقعت مصر علي معاهدة السلام
مع اسرائيل (كامب ديفيد) في 26 مارس 1979 بمشاركة الولايات المتحدة بعد
أن مهدت زيارة الرئيس أنور السادات لاسرائيل في 1977 ، وانسحبت اسرائيل من
شبه جزيرة سيناء في 25 أبريل 1982، وانسحبت من شريط طابا الحدودي بناء
علي التحكيم الذي تم في محكمة العدل الدولية .
بدأ عهد الرئيس مبارك في أكتوبر 1981 بالعمل علي تحقيق استقرار الجبهة
الداخلية وتدعيم وترسيخ مباديء الديمقراطية وسيادة القانون والسلام
الاجتماعي والوحدة الوطنية .
وكان الاهتمام الاكبر هو تحقيق التنمية الشاملة والمتواصلة من خلال خطط
التنمية المختلفة التي تمت ومازالت مستمرة حيث شهدت البلاد نهضة كبري في
خدمات التعليم والصحة والثقافة والاعلام وجميع قطاعات الانتاج وذلك بعد
استكمال مواصلة إقامة البنية الأساسية .
كذلك شهدت الساحة المصرية تنمية اقتصاية ناجحة حازت علي تقدير وإشادة
المؤسسات المالية والنقدية العالمية بوصفها نموذجاً فريداً يحتذي به والذي
أخذ في الحسبان لانجاز الإصلاح اقتصادي الجمع بين الاعتبارات الاقتصادية
ومتطلبات البعد الاجتماعي وضرورياته .
والآن يتم التركيز علي إعادة رسم خريطة مصر عمرانياً وسكانياً حيث يبني
ابناء مصر دعائم حضارة جديدة ولكنها بمفردات العصر الحديث بكل تحدياته
لتتحول الأفكار والطموحات إلى انجازات قابلة للتحقيق من خلال مشروعات
عملاقة تغير الخريطة السكانية لتتعدي حدود الوادي والدلتا القديم المزدحم
والذي لم يعد قادراً علي استيعاب طموحات مصر المستقبلية وينفذ مشروعات
قومية عملاقة في الجنوب منها مشروع دلتا جنوب الوادي " توشكي " ، مشروع شرق
العوينات ، وفي الشمال الشرقي مشروع بورسعيد ومشروع ترعة السلام بسيناء ،
ومشروع تنمية شمال خليج السويس وجميعها مشروعات تدعو إلى الخروج من
الوادي القديم إلى الساحات الأرحب من أرض مصر .. وهي أيضاً السبيل أمام
مصر للدخول إلى القرن الحادي والعشرين والألفية الثالثة مكونة بناءً
حضارياً تصنعه سواعد أبنائنا المصريين وذلك للانطلاق لبناء مجتمع
المعلومات والاتصالات والنهضة التكنولوجية لاستيعاب الآليات الجديدة لعالم
المستقبل .
فبعد ان حققت مصر إنجازاً يشبه الاعجاز في إرساء البنية التحتية
العملاقة خلال السنوات العشرين الماضية بتكلفة قدرها 353 مليار جنيه دعا
الرئيس مبارك مع بداية الألفية الثالثة إلى تحديث مصر في اطار مشروع حضاري
وطني وذلك لمتابعة التقدم العلمي والتقني العالمي الفائق السرعة والجودة
استشراقاً لآفاق المستقبل الرحب .